الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ }

قوله تعالى: { مَا لَبِثُواْ } أي: يحلفون ما لبثوا في قبورهم. وقيل: في الدنيا { غَيْرَ سَاعَةٍ }.

فإن قيل: استقصارهم مدة اللبث في الدنيا ظاهر معلوم، فما معنى استقصارهم مدة اللبث في القبور وهم معذبون؟

قلتُ: يجوز أن يقولوا ذلك ناسين ما كانوا فيه؛ لما دهمهم من أهوال الطامة، أو صار عندهم عذاب القبور كلا عذاب بالنسبة إلى ما أفضوا إليه، وقد سبق هذا المعنى فيما مضى. ويجوز أن يكونوا قالوا ذلك وهم كاذبون.

{ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } أي: مثل ذلك الصَّرْف كانوا يُصْرَفُون عن الصدق في الدنيا.

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ } وهم الملائكة. وقيل: الأنبياء. وقيل: المؤمنون.

ويجوز عندي: أن يكون القول صادر من الجميع.

{ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } أي: في اللوح المحفوظ.

وقيل: في علم الله.

وقيل: فيما كتبه الله تعالى، أي: أوجبه بحكمته.

وقيل: فيه تقديم وتأخير، تقديره: وقال الذين أوتوا العلم في كتاب الله والإيمان لقد لبثتم.

{ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ } الذي كنتم تنكرونه.

{ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ } قرأ أهل الكوفة: " لا ينفع " بالياء للفصل، أو حملاً على معنى المعذرة فإنها بمعنى العذر. وقرأ الباقون بالتاء؛ لتأنيث المعذرة.

وقد أشرنا إلى علّة القراءتين واستوفينا القول في نظائر ذلك فيما مضى.

قال ابن عباس: لا يقبل من الذين أشركوا عذر ولا عتاب ولا توبة ذلك اليوم.

{ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } قال الواحدي وابن الجوزي: [أي: لا يطلب] منهم العتبى والرجوع في الآخرة.

وقال الزمخشري: هو من قولك: استعتبني فلان [فأعتبته]، أي: استرضاني فأرضيته.