الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ }

قوله تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ } قال الزمخشري: الرياح: هي الجنوب والشمال والصبا، وهي رياح الرحمة. وأما الدّبور فريح العذاب. ومنه قوله عليه السلام: " اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً ".

والمعنى: مبشرات بالغيث.

{ وَلِيُذِيقَكُمْ } عطف على " مُبَشِّرَاتٍ " على المعنى، كأنه قيل: ليبشركم وليذيقكم. ويجوز أن يكون متعلقاً بمحذوف، تقديره: وليذيقكم، [وليكون كذا وكذا] أرسلناها. والمعنى: وليذيقكم من رحمته بنزول الغيث وحصول الخصب، { وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ بِأَمْرِهِ } فإن جَرْيها في البحر متوقف على إرسال الرياح.

{ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } بطلب التجارة في البحر { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } نِعَمَه فتوحِّدُوه.

ثم عزى نبيه صلى الله عليه وسلم مبشراً له أن عاقبة الأمر له ولأصحابه، ومنذراً للكفار من غضبه وانتقامه، فقال تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ } ، وكان بعضهم يقف [على]: " وكان حقاً " على معنى: وكان الانتقام من المجرمين حقاً، ثم يبتدئ " علينا نصر المؤمنين ".

والأول أظهر؛ لما أخبرنا به أبو المجد محمد بن الحسين بن أحمد القزويني قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أسعد الطوسي، حدثنا الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، أخبرنا [عبدالواحد بن أحمد] المليحي، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد الرياني، حدثنا حميد بن زنجويه، حدثنا أبو شيخ الحراني، أخبرنا موسى بن أعين، عن ليث بن أبي سليم، عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من مسلم يردّ عن عرض أخيه، إلا كان حقاً على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة، ثم تلا هذه الآية: { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ } ".