الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ }

قوله تعالى: { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ } أي: بين لكم شبهاً من أنفسكم، { هَلْ لَّكُمْ } أيها السادة { مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } يعني: من عبيدكم { مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ }. فـ " مِنْ " الأولى للمبتدأ، والثانية للتبعيض، والثالثة زائدة.

والمعنى: هل يشارككم عبيدكم فيما رزقناكم من المال والعبيد والأهل.

{ فَأَنتُمْ فِيهِ } أيها السادة والعبيد { سَوَآءٌ }. وموضع قوله: { فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ }: النصب؛ لأنه جواب قوله: { هَلْ لَّكُمْ } ، تقديره: هل لكم منهم شركاء فتستووا.

{ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } قال ابن عباس: تخافونهم أن يرثوكم كإرث بعضكم بعضاً.

وقيل: المعنى: تهابون عبيدكم وتخشون أن يستبدوا بالتصرف دونكم كما يهاب ويخشى بعضكم بعضاً.

ومعنى الكلام: إذا لم ترضوا ذلك لأنفسكم، فكيف ترضونه لي وأنا المالك على الحقيقة، الموجد للخليقة، وكيف تجعلون لي من خلقي وعبيدي شركاء ولا تجعلون ذلك لأنفسكم.

قال سعيد بن جبير: نزلت هذه الآية في تلبية المشركين وقولهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك.

قوله تعالى: { بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } يشير إلى أن المشركين لم يأخذوا في شركهم بدليل نقلي ولا برهان عقلي، وإنما هو مجرد هوى. وقوله تعالى: { بِغَيْرِ عِلْمٍ } في موضع الحال، تقديره: اتبعوا أهوائهم جاهلين. وهذا غاية الذم؛ لأنهم لو اتبعوا أهواءهم عالمين لرُجِيَ رجوعهم، ولكانوا بسبيل من مراجعة رشدهم.