الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ }

قوله تعالى: { وَٱخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ } يريد بالألسنة: اللغات، وقيل: أشكال النطق، فإن القدير الحكيم خالف بين مناطق عباده حتى لا تكاد تسمع منطقين متفقين في جهارة، ولا همس، ولا فصاحة، ولا لكْنة، ولا صوت، ولا نغمة، واختلاف الألوان ظاهر؛ لأن الخلق ما بين أبيض وأسود وأحمر وآدم.

وقيل: المراد باختلاف الألوان: اختلاف الصور. فسبحان من خالف بين الصور والألوان، حتى لا تكاد ترى أخوين توأمين متفرعين من أصل واحد متماثلين، ما ذاك إلا عن قدرة قادر وحكمة حكيم، فإنها لو اتفقت وتشاكلت لوقع الالتباس في الناس.

{ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ } البر منهم والفاجر، والجن والإنس.

وقرأتُ لحفص عن عاصم: { لِّلْعَالِمِينَ } بكسر اللام، جمع عالِم، وخص العالِمين وإن كانت الآية لكافة الناس عالمهم وجاهلهم؛ لموضع استدلالهم وتدبرهم.

ويؤيد هذه القراءة قوله تعالى:إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [الروم: 24]، وبهذا رجح القُرَّاء هذه القراءة.

قوله تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبْتِغَآؤُكُمْ مِّن فَضْلِهِ } قال أبو عبيدة: المنام: من مصادر النوم، بمنزلة قامَ يقومُ قياماً ومَقَاماً، وقالَ يقولُ مَقَالاً.

قال الزمخشري: هذا من باب اللف، وترتيبه: منامكم بالليل وابتغاؤكم من فضله وهو طلب الرزق بالنهار.