الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }

قوله: { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ } وهي: " لا إله إلا الله " ، ولعمري إنها كلمات، ولكن العرب تسمى الكلام المشتمل على شرح قصة: " كلمة " ، وقد سبق ذكره.

{ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } أي: عدل بيننا وبينكم، وكذلك هي في قراءة ابن مسعود.

قال الزجاج: يقال للعدل: سَواء وسَوىً وسُوىً. قال زهير بن أبي سلمى:
أَرُونِي خُطَّةً لاَ ضَيْمَ فِيهَا   يُسَوِّي بَيْنَنَا فِيهَا السَّوَاءُ
فَإِنْ نَزَلَ السَّوَاءُ فَلَيْسَ بَيْنِي   وَبَيْنكُم بَنِي حصن بَقَاءُ
فالمعنى: هلموا إلى كلمة عادلة، مستوية بيننا وبينكم، لا تختلف فيها التوراة والإنجيل والقرآن.

وقرأ الحسن البصري: " سواءً " ، بالنصب، على معنى: استوت سواء.

" ألا نعبد " بدل من " كلمة " ، أو في موضع رفع، على معنى: هي.

{ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } كما اتخذتم عيسى وعُزيراً، وهم بشر مثلنا، أو لا نطيع الأحبار في ما حرَّموا وحلَّلوا من غير شريعة، كما قال:ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } [التوبة: 31].

{ فَإِن تَوَلَّوْاْ } أعرضوا عن التوحيد، وعن ما أتيتم به من الهدى والبيان { فَقُولُواْ } على وجه التضليل لآرائهم، والتقريع لهم: { ٱشْهَدُواْ } اعْلَموا، وأَعْلموا مَن وراءكم، { بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } مستسلمون منقادون للحق، إذ تعاصيتم عليه، ونكصتم عنه. وبهذه الآية العظيمة دعا رسول الله قيصرَ ملكَ الروم إلى الإسلام حين كتب إليه يقول: " مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ إِلَى قيصر عَظِيمِ الرُّومِ: سَلامٌ عَلَى مَن اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْد: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بدِعَايَةِ الإِسْلام أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ الله أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ، و { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }. "