الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } * { قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ } * { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ءَادَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

قوله: { لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ } نزلت في عبادة بن الصامت، وكان قال يوم الأحزاب: يا رسول الله؛ معي خمسمائة من اليهود من حلفائي أريد أن أستظهر بهم على العدو.

وقيل: نزلت ناهية لجماعة من الأنصار على مباطنة اليهود وموالاتهم وملاطفتهم، فإنهم كانوا يفعلون ذلك لما كان بينهم من الحلف والرضاع.

والقولان عن ابن عباس.

وقال المقاتلان ابن سليمان، وابن حيّان: نزلت في حاطب بن أبي بلتعة وغيره ممن كان يظهر المودّة لأهل مكة.

قال الزجاج: معنى قوله: { مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي: لا يجعل المؤمن ولايته لمن هو غير مؤمن، أي: لا يتناول الولاية مِن مكان دون مكان المؤمنين. وهذا كلام جرى على المثل في المكان. تقول: زيد دونك، ولست تريد المكان، ولكنك جعلت الشرف بمنزلة الارتفاع في المكان، والخسة كالاستفال.

ثم توعَّدهم، فقال: { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيْءٍ } ، أي [فالله بريء منه].

قوله: { إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَـٰةً } يقال: تَقَيْتُه تُقَاةً وتُقَىً وتَقِيَّةً، والمعنى: إلا أن تخشوا منهم أمراً، تحتاجون معه إلى التَّقِيَّة، فتصانعوهم بألسنتكم، وتُفارقوهم بقلوبكم وأعمالكم، والتَّقِيَّة رخصة لا عزيمة، نص عليه إمامنا رحمة الله عليه قولاً، ودان به فعلاً في فتنة الاعتزال، وذلك حين دُعِيَ إلى القول بخَلْقِ القرآن، وقيل له تلك الأيام: إن عُرِضتَ على السيف تجيب؟ قال: لا، إذا أجاب العالم تَقِيَّةً، والجاهل بجهله، فمتى يظهر الحق؟.

فللَّه درُّه ما كان أصبره على تلك الشدة، وأشبهه بأبي بكر الصدِّيق أيام الرِدَّة.

وقال شيخ الإسلام الأنصاري رحمة الله عليه: عُرِضتُ على السيف أربع مرات، وما قيل لي اُترك مذهبك، إنما قيل لي: اُسكت عن مخالفيك، فلم أفعل.

ثم هدَّدَهم وتوعدهم بقوله: { وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ } ، أي: عذاب نفسه، { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ }.

قوله: { قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ } الصدر محل القلب، ويُعبَّر به عنه، والمعنى: إن تُخفوا ما في صدوركم، من موالاة الكفار، ومعاداتهم وغير ذلك، { يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ } المعنى: ويجازيكم عليه، ثم أكد ذلك بتمام الآية.

قوله: { يَوْمَ تَجِدُ } العامل في " يوم تجد ": " يُحَذّركم " ، أو فعل مضمر، أو " تَوَدُّ ".

وقال ابن الأنباري: يجوز أن يكون متعلقاً بقوله: " وإلى الله المصير " أي: وإلى الله المصير يوم تجد.

والمعنى: تجد جزاء ما عملت، أو بيان ما عملت في صحائف الأعمال. والأمد: الغاية.

قال الطِّرِمَّاح:
كلُّ حيّ مستكمل عدة العُمـ   ـر ومُوْدٍ إذا انْقَضَى أَمَده
أي: غاية أجله.

قوله عَزَّ وجَلَّ: { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ } قال ابن عباس: قال كفارُ قريش: إنما نعبد الأصنام حباً لله ليقرِّبونا إلى الله زلفى.

السابقالتالي
2