الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }

السببُ في نزولها ما روى عكرمة، وسعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: " دخل رسول الله بيت المِدْراس في جماعة من اليهود، فدعاهم إلى الله، فقال نعيم بن عمرو، والحارث بن زيد: على أي دين أنت يا محمد؟ فقال: على مِلَّة إبراهيم، فقالا: إن إبراهيم كان يهودياً، فقال لهم رسول الله: فهلموا إلى التوراة، فهي بيننا وبينكم، فأبيا عليه، فأنزل الله هذه الآية ".

وروي عن ابن عباس: أنها نزلت " في قصة اليهوديين اللذين زنيا وحكم عليهما رسول الله بالرجم، فقالوا: جِرْت علينا يا محمد، ليس عليهما الرجم، فقال: " بيني وبينكم التوراة " ، فجاء بها ابن صوريا، فقرأها: فلما بلغ آية الرجم وضع كفَّه عليها، فقال ابن سلام: قد جاوزها، ثم قام فرفع كفَّه عنها، فإذا هي تلوح، فأمر بهما رسول الله فرجما، فغضب اليهود " ، فأنزل الله هذه الآية.

وبّخهم الله سبحانه وتعالى، وعجّب رسوله والمؤمنين من توليهم وإعراضهم مع كونهم أهل كتاب، وكان ينبغي لهم إذا دعوا إليه أن يبادروا.

والنصيب: الحظ. والكتاب الذي دعوا إليه: التوراة؛ على قول الأكثرين، ومقتضى سبب النزول.

وقال الحسن وقتادة: هو القرآن.

والمعنى: { ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ } وهم علماؤهم، { وَهُمْ مُّعْرِضُونَ } يريد: الأَتْبَاع.

وقيل: " ثم يتولى فريق منهم " بأبدانهم، " وهم معرضون " بقلوبهم، أو هو توكيد.

{ ذٰلِكَ } إشارة إلى التولّي والإعراض، { بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً } وقد سبق تفسيرها في البقرة، { وغرّهم في دينهم ما كانوا يفترون } أي: يكذبون في قولهم: { بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ } ، وقولهم:نَحْنُ أَبْنَٰؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰؤُهُ } [المائدة: 18].

{ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ } أي: كيف يكون حالهم، أو كيف يصنعون إذا جمعناهم، وهو استفهام يتضمن الاستعظام لهول ما أُعِدَّ لهم من العذاب. { إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ } ، أي: لجزاء يوم، أو لحساب يوم.

وقيل: اللام بمعنى " في ".