السببُ في نزولها ما روى عكرمة، وسعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: " دخل رسول الله بيت المِدْراس في جماعة من اليهود، فدعاهم إلى الله، فقال نعيم بن عمرو، والحارث بن زيد: على أي دين أنت يا محمد؟ فقال: على مِلَّة إبراهيم، فقالا: إن إبراهيم كان يهودياً، فقال لهم رسول الله: فهلموا إلى التوراة، فهي بيننا وبينكم، فأبيا عليه، فأنزل الله هذه الآية ". وروي عن ابن عباس: أنها نزلت " في قصة اليهوديين اللذين زنيا وحكم عليهما رسول الله بالرجم، فقالوا: جِرْت علينا يا محمد، ليس عليهما الرجم، فقال: " بيني وبينكم التوراة " ، فجاء بها ابن صوريا، فقرأها: فلما بلغ آية الرجم وضع كفَّه عليها، فقال ابن سلام: قد جاوزها، ثم قام فرفع كفَّه عنها، فإذا هي تلوح، فأمر بهما رسول الله فرجما، فغضب اليهود " ، فأنزل الله هذه الآية. وبّخهم الله سبحانه وتعالى، وعجّب رسوله والمؤمنين من توليهم وإعراضهم مع كونهم أهل كتاب، وكان ينبغي لهم إذا دعوا إليه أن يبادروا. والنصيب: الحظ. والكتاب الذي دعوا إليه: التوراة؛ على قول الأكثرين، ومقتضى سبب النزول. وقال الحسن وقتادة: هو القرآن. والمعنى: { ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ } وهم علماؤهم، { وَهُمْ مُّعْرِضُونَ } يريد: الأَتْبَاع. وقيل: " ثم يتولى فريق منهم " بأبدانهم، " وهم معرضون " بقلوبهم، أو هو توكيد. { ذٰلِكَ } إشارة إلى التولّي والإعراض، { بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً } وقد سبق تفسيرها في البقرة، { وغرّهم في دينهم ما كانوا يفترون } أي: يكذبون في قولهم: { بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ } ، وقولهم:{ نَحْنُ أَبْنَٰؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰؤُهُ } [المائدة: 18]. { فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ } أي: كيف يكون حالهم، أو كيف يصنعون إذا جمعناهم، وهو استفهام يتضمن الاستعظام لهول ما أُعِدَّ لهم من العذاب. { إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ } ، أي: لجزاء يوم، أو لحساب يوم. وقيل: اللام بمعنى " في ".