الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ }

قوله: { شَهِدَ ٱللَّهُ } نزلت في مخاصمة نصارى نجران.

وقال ابن السائب: " نزلت في حَبْرَيْن من أحبار الشام، قدما على النبي، فلما أبصرا المدينة، قال أحدهما لصاحبه: ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان؟ فلما دخلا على النبي عرفاه بالصفة، فقالا: أنت محمد؟ قال: " نعم " ، قالا: وأحمد؟ قال: " نعم " ، قالا: نسألك عن شهادة، فإن أخبرتنا بها آمنا بك؟ فقال: " سَلاَني " ، فقالا: أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله؟ فنزلت هذه الآية، فأسلما ".

وقال سعيد بن جبير: كان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً، وكان لكل حيّ من العرب صنم أو صنمان، فلما نزلت هذه الآية خرَّت الأصنام سُجَّداً.

قال الزجاج، وابن كيسان وغيرهما في قوله: { شَهِدَ ٱللَّهُ } أي: بيَّن وأظهر بعجائب صنعته، وبدائع قدرته { أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } ، { وَٱلْمَلاَئِكَةُ } بالإقرار، { وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ } بما صح لهم من البراهين اللامعة، والدلائل القاطعة. { قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ } أي: بالعدل.

و " قائماً " حال مؤكدة إما من فاعل " شهد " أو من " هو " في { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } ، أو نصب على المدح.

وقال الفرّاء: هو نصب على القطع، كأن أصلَه: القائم، وكذلك في حرف عبد الله، فلما قطعت الألف واللام نصب، كقوله:وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً } [النحل: 52]، أو صفة للمنفي، تقديره: لا إله قائماً بالقسط إلا هو، فإنهم توسّعوا في الفصل بين الصفة والموصوف.

قال جعفر الصادق رحمه الله: إنما كرر { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } لأن الأولى وصف وتوحيد، والثانية رسم وتعليم، أي: قولوا: لا إله إلا هو.

وفي الحديث عن النبي، قال: " قال موسى: يا رب علِّمني شيئاً أذْكُرُكَ به، أو أدعوك به، فقال: يا موسى لا إله إلا الله، قال: يا رب، كلُّ عبادك يقولها، إنما أريد شيئاً تخصّنيه، قال: يا موسى؛ لو أنَّ السموات السبع وعامرهن، والأرضين السبع وعامرهن وُضعن في كِفَّة، ولا إله إلا الله في كِفَّة، لَمَالَتْ بهنَّ لا إله إلا الله ".

ووجه قراءة ابن مسعود: " القائم بالقسط " أنه بدل من " هو " ، أو خبر مبتدأ محذوف.

قوله: { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ } كلام مستأنف.

وقرأ الكسائي: " أن الدين " بفتح الهمزة على البدل من " أنه " ، التقدير: شهد الله أن الدين عنده الإسلام. والمعنى: أن الدين المرضي عند الله الإسلام لا اليهودية، ولا النصرانية.

قوله عز وجل: { وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } وهم اليهود والنصارى، والذي اختلفوا فيه: دين الإسلام، ونبوة محمد، { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ } وهو البيان الواضح على صحة نبوته بما عرفوه من صفته.

السابقالتالي
2