الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ }

قوله: { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } كان اليهود يضربون في الأرض، ويكتسبون الأموال، والمشركون في خَفْضٍ وَدَعَة، والمسلمون في جهد شديد، فقال قائل من المؤمنين: أعداء الله فيما نرى من الخير، ونحن في الجهد، فأنزل الله هذه الآية.

والمعنى: لا يَغُرَّنك أيها القائل، أو السامع. أو هو خطاب للنبي، والمراد: أتباعه؛ لأن خطاب مقدم القوم، ولسانهم بشيء يقوم مقام خطابهم جميعاً.

فكأنه قيل: لا يَغُرَّنكم، وهو بمعنى التثبيت له، والتأديب لغيره.

وهذا في النهي نظير قوله في الأمر:ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } [الفاتحة: 6].

{ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } أي: ضربهم فيها، وتقلبهم في نعم الله.

{ مَتَاعٌ قَلِيلٌ } أي: تقلبهم متاع قليل، ثم ينقطع، { ثُمَّ } من بعد ذلك، { مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ }.

قوله تعالى: { لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ } وقرأت على شيخنا أبي البقاء اللغوي وأبي عمرو الياسري لأبي جعفر يزيد بن القعقاع: " لكنَّ " ، بالتشديد هنا، وفي الزمر.

قال مقاتل: " اتقوا " بمعنى: وحَّدُوا ربهم.

{ نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } وهو ما يُهَيَّأ للنَّزيل، وهو الضَّيْف. وانتصابه على المصدر، تقديره: أنزلوها نزلاً، أو على الحال من " جنات " لتخصيصها بالوصف، والعامل اللام.

وقال الفراء: على التفسير؛ كما تقول: هو لك صدقة، هو لك هَديَّة.

{ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما من بَرٍّ ولا فاجرٍ إلا والموت خير له، ثم تلا:إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً } [آل عمران: 178]، وتلا: { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ }.

ومعنى الآية: وما عند الله من ثواب المتقين الأبرار خير لهم من متاع الكفار في هذه الدار.