الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَـٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ثَوَاباً مِّن عِندِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ }

قوله: { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ } قال الحسن: ما زالوا يقولون: ربنا، ربنا، حتى استجاب لهم ربهم.

قال جعفر الصادق رحمه الله: مَن حَزَبه أمر فقال -خمس مرات-: ربنا، نجاه الله مما يخاف، وأعطاه ما أراد، قيل له: كيف؟ فقرأ:ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً } [آل عمران: 191] - إلى قوله: -إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ * فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ } [آل عمران: 194-195].

وفي الحديث: أن أم سلمة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله؛ إني أسمع الله يذكر الرجال في الهجرة، ولا يذكر النساء بشيء، فنزلت هذه الآية.

يقال: استجابه، واستجاب له، بمعنى: أجابه. ومنه:
.....................    فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذاكَ مُجِيبُ
{ أَنِّي لاَ أُضِيعُ } أي: بأني، أو لأني لا أضيع { عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ }.

{ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ } في الدين والإسلام. وقيل: { بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ } أي: يجمع ذكوركم وإناثكم أصل واحد، وهو آدم، فحكمكم حكم واحد، في الثواب والعقاب، { فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ } هجروا أوطانهم، وعشائرهم، { وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ } اضطروا إلى الخروج بالأذى، { وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي } وهو دين الإسلام.

{ وَقَـٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ } وقرأ حمزة والكسائي: " وقُتِلُوا وقَاتَلُوا " ، بتقديم المفعول على الفاعل هنا، وفي براءة، وكلهم خَفَّفَ إلا ابن كثير وابن عامر فإنهما شدّدا " وقتِّلوا " ، والواو لا تفيد ترتيباً، فسواء التقديم والتأخير.

قوله: { ثَوَاباً مِّن عِندِ ٱللَّهِ } أي: ثواباً مختصاً بكونه من عند الله، لا يقدر أحد على وصفه، ولا على قطعه ومنعه. كما يقول الرجل العظيم المليء لما يراد منه لمن دونه إذا أراد تحقيق ما يؤمله منه وتطييب قلبه وطمأنينته: عندي ما تريد.

وهو مصدر مؤكد؛ لأن معنى " لأُكَفِّرن " و " لأُدْخِلنَّهم ": لأُثيبنَّهم.

وقيل: هو منصوب على القطع.