الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } * { رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } * { رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأَبْرَارِ } * { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ }

قوله: { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } قال ابن عباس وغيره: كانوا يقترحون على رسول الله الآيات، حتى قالوا: اجعل لنا الصفا ذهباً، فأنزل الله هذه الآية، يرشدهم إلى ما هو أعجب مما سألوا.

وفي الحديث: " أن ابن عمر قال لعائشة رضي الله عنهم أجمعين: أخبريني بأعجب ما رأيت من رسول الله، فبكت، فأطالت، ثم قالت: كلُّ أمر رسول الله عجب؛ أتاني في ليلتي، فدخل معي في لحافي، حتى لصق جلده بجلدي، ثم قال: يا عائشة؛ هل لك أن تأذني لي الليلة في عبادة ربي؟ فقلت. يا رسول الله؛ والله إني لأحب قربك، وأهوى هواك، قد أذنتُ لك، فقام إلى قِرْبة من ماء في البيت فتوضأ، ولم يكثر صب الماء، ثم قام فصلَّى، فقرأ من القرآن وجعل يبكي، حتى بلغ الدموع حِقْوَيْه، ثم جلس فحمد الله وأثنى عليه، وجعل يبكي حتى بلغ الدموع نحره، ثم رفع يديه، فجعل يبكي حتى رأيت دموعه قد بلَّت الأرض، فأتاه بلال يؤذنه بالصلاة الغداة فرآه يبكي، فقال: يا رسول الله؛ تبكي وقد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر!! قال: يا بلال؛ أفلا أكون عبداً شكوراً؟ ثم قال: وما لي لا أبكي وقد أنزلت عَلَيَّ هذه الليلة: { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ... إلى آخرها } ، ثم قال: ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها ".

قوله: { ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ } ذهب قوم إلى عمومه في الصلاة وغيرها.

وقال عليّ وابن مسعود وابن عباس وقتادة: المراد بالذكر هاهنا: الذكر في الصلاة، كما قال النبي لعمران بن حصين: " صَلِّ قَائِماً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ " أخرجه البخاري.

وفي هذه الآية مستدل للإمامين أحمد والشافعي بأن المريض يُصلّي على حسب حاله، كما قال النبي لعمران بن حصين.

وقال أبو حنيفة: يُصلِّي مستلقياً على ظهره إذا لم يستطع القعود.

ومحل قوله: " وعلى جنوبهم " من الإعراب: النصب على الحال، عطفاً على ما قبله.

قوله: { وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } فيستدلون ببدائع صنعة الله، وعجائب قدرته على عظمة شأنه، وجلال سلطانه، فيستثمرون من ذلك علماً بالله، وخوفاً يبعثهم على مراقبة أمره ونهيه.

قال أبو الدرداء: تفكر ساعة خير من قيام ليلة.

ونظر سفيان الثوري إلى السماء، فلما رأى الكواكب غشي عليه.

وقال بعض الحكماء: بترداد الفكر يَنْجاب العمى، وما اسْتَنَارَت القلوب بمثل الفكر.

وقال أبو الأحوص: بلغني أن عابداً تعبَّد في بني إسرائيل ثلاثين سنة، وكان الرجل إذا تعبَّد ثلاثين سنة أظلَّته غمامة، فلم ير شيئاً، فشكى ذلك إلى والدته.

السابقالتالي
2