الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي ٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ وَلَكِنَّ ٱللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } * { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }

قوله عز وجل: { وَلاَ يَحْزُنكَ } وقرأ نافع " يُحْزِنك " ، بضم الياء، وكسر الزاي، حيث جاء إلا قوله في الأنبياء:لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } [الأنبياء: 103]، فإنه قرأها كالباقين، إما اتباعاً لأثر، أو إيثاراً للجمع بين اللغتين.

{ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ } أي: يقعون فيه سريعاً، رغبة فيه، وميلاً إليه.

قال ابن عباس: هم المنافقون، ورؤساء اليهود.

وقال الضحّاك: كفار قريش.

وقيل: قوم ارتدُّوا عن الإسلام.

والمعنى: لا يحزنك تعاضدهم وتناصرهم، { إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً } بمسارعتهم في الكفر.

المعنى: بل يضرون أنفسهم، ألا تراه يقول: { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.

وقال عطاء: لن يضروا أولياء الله شيئاً، فهو على حذف المضاف.

{ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي ٱلآخِرَةِ } أي: نصيباً في الآخرة.

قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ } قال مجاهد: هم المنافقون، آمنوا، ثم كفروا.

قوله: { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ } قرأ الجمهور: " يَحْسَبَنَّ " بالياء وكذا التي بعدها: { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ }. وقرأهما حمزة بالتاء.

فمَن قرأهما بالياء؛ أسند الفعل إلى " الذين كفروا " ، أو إلى " الذين يبخلون " فهم الفاعلون. ومَن قرأهما بالتاء؛ فعلى الخطاب للنبي، فهو الفاعل.

" الذين كفروا " منصوب، و " أنما نملي لهم خير لأنفسهم " بدل منه، أي: لا تحسبنَّ أنما نملي للكفار خير لهم، وقوله: " أَنَّ " مع " ما " في حيزه يسد مسد المفعولين، كقوله:أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ } [الفرقان: 44]، و " ما " مصدرية بمعنى: ولا تحسبن أن إملاءَنا خير لهم.

قال ابن عباس: " الذين كفروا " هم اليهود، والنصارى، والمنافقون.

وقال غيره بعمومه في جميع الكفار.

ومعنى " نملي لهم ": نُطيل لهم في العمر، ومثله:وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } [مريم: 46].

قال ابن الأنباري: واشتقاقه من المَلْوَة، وهي المدة من الزمان، يقال: مِلْوة من الدهر، ومَلْوة، ومُلْوة، ومِلاَوة، ومَلاَوة، ومُلاَوة، ومنه قولهم: تَمَلَّ حبيباً، أي: لِتَطُلْ أيامك معه.

قال متمم بن نويرة:
بودِّي لَوْ أَنِّي تَمَلَّيْتُ عُمْرَهُ   بمَا لِيَ مِنْ مَالٍ طَريفٍ وَتَالِدِ
وقال غيره: الإملاء لهم تخليتهم وشأنهم، مستعار من أَمْلَى لِفَرَسِهِ؛ إذا أرخى له الطّول؛ ليرعى كيف شاء.

والمعنى: لا تحسبنَّ الذين كفروا أن الإملاء لهم خير لهم من منعهم، وقطع آجالهم، { نَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً } لأنهم كلما طالت أعمارهم كثرت معاصيهم، فازدادوا إثماً.

وقد روى أبو بكرة -واسمه نفيع- رضي الله عنه: " أن رجلاً قال لرسول الله: أي الناس خير؟ قال: مَن طال عمره وحَسُن عمله، قال: فأي الناس شر؟ قال: مَن طال عمره وساء عمله "

السابقالتالي
2