الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَىٰ طَآئِفَةً مِّنْكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ ظَنَّ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ يُخْفُونَ فِيۤ أَنْفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَٰهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }

قوله: { ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً } قال ابن قتيبة: " الأمنة ": الأمن.

و " نعاساً " بدل من " أمنة ".

وجائز أن يكون هو المفعول، و " أمنة " حالاً متقدمة عليه، نحو رأيت راكباً رجلاً. وجائز أن يكون مفعولاً له، أي: نعستم للأمنة.

والنُّعَاس: الوَسَن، يقال: نَعَسَ يَنْعُسُ نُعَاساً فهو نَاعِس، وبعضهم يقول: نَعْسَان.

قال الفرّاء: قد سمعتها، ولكن لا أشتهيها.

قال الزجّاج: معنى الآية: أعقبكم بما نالكم من الرعب بأن أمَّنكم أمناً تنامون معه، لأن الشديد الخوف لا يكاد ينام.

{ يَغْشَىٰ } يعني: النعاس.

وقرأ حمزة والكسائي: " تغشى " بالتاء والإمالة، يعني: الأمنة، { طَآئِفَةً مِّنْكُمْ } ، وهم المؤمنون، { وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ } وهم المنافقون، أهمّهم خلاص أنفسهم لا خلاص الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا الخلاص في الإسلام.

قال الزبير رضي الله عنه: أرسل الله تعالى علينا النوم، فما منا رجل إلا ذقنه في صدره، فوالله إني لأسمع كالحلم قول معتب بن قشير: " لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا " ، فحفظتها منه.

وأخبرنا الشيخان أبو القاسم السلمي، وابن رُوْزَبَة البغداديان، قالا: أخبرنا عبد الأول بن عيسى، أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا عبد الله بن أحمد، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن أبو يعقوب، حدثنا حسين بن محمد، حدثنا شيبان، عن قتادة، قال: حدثنا أنس، أن أبا طلحة قال: " غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ في مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ، وَجَعَلْتُ أَنْظُرُ وَمَا مِنْهُم أَحَد يَوْمئذ إِلاَّ يَمِيدُ تَحْتَ حَجَفَتِهِ مِنَ النُّعَاس ".

قوله: { يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ } ظنوا أن عِقْد الإسلام قد انْحَلّ، وأن أمر النبي قد اضْمَحَلّ.

قال ابن عباس: ظنوا أن الله لا ينصر محمداً وأصحابه.

{ ظَنَّ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ } بدل من " غير الحق ".

والمعنى: ظن المختص بالملة الجاهلية، أو كظن أهل الجاهلية، فشبه ظن أهل الشك بظن أهل الشرك.

وقوله: { يَقُولُونَ } بدل من " يظنون " ، والاستفهام بمعنى الجحد -كما سبق-، وتقديره: ما لنا من النصر والظفر شيء، كما وعدنا.

قال أبو سليمان الدمشقي: القائل: { هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ مِن شَيْءٍ }: عبد الله بن أُبَيّ بن سلول.

قل لهم يا محمد: { إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ } قرأ الكل: " كُلَّهُ " بالنصب على توكيد الأمر، إلا أبا عمرو فإنه رفع على الابتداء. و " لله " الخبر، والجملة خبر " إنَّ ".

وقوله: { يُخْفُونَ } حال من " يقولون ".

السابقالتالي
2