الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَٰواْ أَضْعَٰفاً مُّضَٰعَفَةً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِيۤ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } * { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ }

قوله عز وجل: { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَٰواْ } نزلت في ربا الجاهلية، وكان الرجل يقول لصاحبه: أخِّر عني دَيْنك وأزيدك في المال، فيستوعب بالشيء الطفيف المال الكثير.

{ أَضْعَٰفاً } حال، { مُّضَٰعَفَةً } نعت لـ " أضعافاً ".

وفي قوله: { وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ } تهديد شديد للمؤمنين الذين يأكلون الربا، حيث خوَّفهم بالنار، التي أعدَّها لمن كفر به.

قال أبو حنيفة: هذه أخوفُ آية في القرآن.

وفي الآية رَدٌّ على الجهمية في قولهم: إن النار لم تُخْلق بعد.

{ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } في ترك ما نهيتم عنه من أكل الربا وغيره، وامتثال ما أمرتم به من التقوى { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } ، فتفوزوا بدخول الجنة والنجاة من النار المُعَدَّة للكفار.

قوله: { وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } قرأ نافع وابن عامر: " سارعوا " بغير واو، وكذا هي في مصاحف أهل المدينة والشام، وقرأ الباقون بالواو.

قال أبو علي: من قرأ بالواو عَطَفَ " وسارعوا " على " وأطيعوا " ، ومن حذفها فلأنَّ الجملة الثانية ملتبسة بالأولى، فاستغنت عن العطف.

ومعنى الآية: بادروا إلى موجبات المغفرة وهي طاعة الله تعالى.

وقال ابن عباس: لا تصروا على الذنب، إذا أذنب أحد فليسرع الرجوع.

وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: سارعوا إلى الإخلاص.

وقال علي رضي الله عنه: إلى أداء الفرائض.

وقال أنس بن مالك: التكبيرة الأولى من العبادة.

وقال الضحاك: إلى الجهاد.

{ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ } قال سعيد بن جبير: لو أُلصِق بعضهن إلى بعض كانت الجنة في عرضهن.

قال ابن عباس: يريد: لرجل واحد من أوليائه.

قال الزهري: فأما الطول فلا يعلمه إلا الله.

وقال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية أبي صالح: الجنان أربعة: جنة عدن -وهي الدرجة العليا-، وجنة الفردوس، وجنة النعيم، وجنة المأوى، كل جنة منها كعرض السموات والأرض لو وُصِلَ بعضها إلى بعض.

وقال ابن قتيبة: أراد بالعرض: السَّعَة، ولم يرد العرض الذي يخالف الطول، والعرب تقول: بلاد عريضة، أي: واسعة، قال النبي للمنهزمين يوم أُحُد: " لقد ذَهَبْتُمْ فيها عَرِيضة ".

قال الشاعر:
كَأَنَّ بلاَدَ اللهِ وَهْيَ عَرِيضَةٌ   عَلَى الخَائِفِ المَطْلُوب كِفَّةُ حَابلِ
وروى وكيع في تفسيره بإسناده عن طارق بن شهاب، قال: قالت اليهود لعمر: تقولون: جنة عرضها السموات والأرض، فأين النار؟ فقال عمر: أرأيت إذا جاء النهار فأين يذهب الليل، وإذا جاء الليل فأين يذهب النهار؟ قالوا: نزعتَ بما في التوراة.

وقال أنس بن مالك: الجنة فوق السموات السبع، تحت العرش.

قال قتادة: وإن جهنم تحت الأرضين السبع.

ثم وصف المتقين فقال: { ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ } أي: في الشدة والرخاء، كما فعلت الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق، المبرأة بنص الكتاب المطهَّرة من كل [عيب]، أم المؤمنين، وحبيبة رسول رب العالمين، عائشة رضي الله عنها، فإنها تصدَّقت في يوم بحبّة عنب، فتعجّبن النسوة منها، فقالت: إن فيها ذرّاً كثيراً، تشير إلى قوله تعالى:

السابقالتالي
2 3 4