الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ ٱللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ } * { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ }

قوله: { وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } " مِنْ " للتبعيض، لأنه لا يصلح للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا العالِم بما يجوز في ذلك وما لا يجوز: و " الخير ": الإسلام، و " المعروف ": طاعة الله وطاعة رسوله، و " المنكر ": معصية الله ومعصية رسوله.

{ وَأُوْلَـٰئِكَ } يعني: الذين يدعون إلى الخير، ويأمرون وينهون، { هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }.

قال علي رضي الله عنه: أفضل الجهاد: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

وأخرج الإمام في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله: " لا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ أَنْ يَرَى أَمْر الله عَلَيْهِ فِيهِ مَقَال أن يقول، فَيَقُولُ الله: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: رَب، خَشِيتُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: وَأَنَا أَحَقُّ أَنْ يُخْشَى ".

قرأت على أبي المجد محمد بن الحسين القزويني، أخبركم أبو منصور محمد بن أسعد الطوسي، أخبرنا أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، أخبرنا أبو حامد أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي، حدثنا عبد الرحيم بن منيب، حدثنا يعلى، عن الأعمش، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله: " مَثَلُ الواقع في حدود الله والمداهن فيها، كمثل قوم ركبوا في السفينة، فاستهموا عليها، فركب قوم علوها، وركب قوم سفلها، وكانوا إذا استقوا آذوهم، وأصابوهم بالماء، فقالوا: إنكم قد آذيتمونا، مما تمرون علينا، فأعطوا رجلاً فأساً فنقب عندهم نقباً، قالوا: ما هذا الذي تصنعون؟ قالوا: تأذيتم بنا فننقب عندنا نقباً نستقي منه، فإن تركوهم هلكوا، وأهلكوا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا " هذا حديث صحيح أخرجه البخاري، عن عمر بن حفص، عن أبيه، عن الأعمش.

قوله: { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ } ، وفيهم قولان:

أحدهما: أنهم اليهود والنصارى. قاله ابن عباس والحسن.

والثاني: أنهم الحرورية. قاله أبو أمامة.

قوله: { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } " يوم " نصب على الظرف، وهو " لهم " ، أو بإضمار " اذكروا ".

قال ابن عباس -في رواية عطاء-: يوم تَبْيَضُّ وجوه المهاجرين والأنصار، وتَسْوَدُّ وجوه قريظة والنضير.

وقال -في رواية سعيد بن جبير-: يوم تَبْيَضُّ وجوه أهل السنة، وتَسْوَدُّ وجوه أهل البدعة.

وقيل: يوم تَبْيَضُّ وجوه المؤمنين، وتَسْوَدُّ وجوه الكافرين، وقيل: المنافقين.

{ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ } وهم أهل البدعة، أو اليهود والنصارى، على اختلاف القولين، أو جميع الكفار أو المنافقين، على القولين الآخرين، { أَكْفَرْتُمْ } على إضمار القول، أي فيقال لهم: أكفرتم { بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } بمحمد قبل مبعثه.

وإن أريد به الحرورية، فالمعنى: " أكفرتم " غطيتم الحق، وفارقتم الجماعة، وسللتم سيف البغي على المؤمنين { بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }.

السابقالتالي
2