الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ } * { وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ... } الآية سبب نزولها: أن رجلاً من اليهود يقال له: شاس بن قيس -وكان شيخاً يهودياً عاسياً عاتياً شديد الشكيمة في كفره-، مرّ بمجلس فيه نفر من الأوس والخزرج، فغاظه اتفاقهم على الإيمان، بعد افتراقهم زمن عبادة الأوثان، فحمله البغي والعناد على إيقاد نار الفساد، فأنشدهم أشعارَ بُعَاث؛ ليبعثهم على الشر، وهو يومٌ عظيم من أيام حروبهم، وكان الظفر فيه للأوس، فتنازع الحَيَّان عند ذلك، وتفاخروا، وأخذتهم الأنفة، والحمية، حتى دعوا بدعوى الجاهلية، وأخذوا السلاح، واصطفوا للقتال، فأنزل الله هذه الآية وما في حيزها؛ فأقبل بها نبي الرحمة حتى وقف بين الصَّفَّيْن، فقرأها، ورفع بها صوته، فأنصتوا، وعلموا أنها نزغة الشيطان، فألقوا السلاح وعانق بعضهم بعضاً، وجَثُوا يبكون.

{ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ } استفهام في معنى التعجب والإنكار، المعنى: من أين يتطرق الكفر إليكم؟ { وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ } يعنى: القرآن، { وَفِيكُمْ رَسُولُهُ } محمدٌ تشرق أنوار رسالته، وهدايته في أبصاركم وبصائركم:
كَأنَّهُ الشَّمْسُ في البُرْجِ المُنِيفِ بهِ   عَلَى البَرِيَّةِ لاَ نَارٌ عَلَى عَلَم
{ وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ } فَيَلُوذُ ببَابهِ، وَيَعُوذُ بجَنَابهِ، { فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }. أخبر عنه بصيغة الماضي لتحقق حصوله.