قوله تعالى: { وَقَالُواْ } يعني: أهل مكة { لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ }. قرأ ابن عامر ونافع وأبو عمرو وحفص: " آياتٌ " على الجمع. وقرأ الباقون: " آيةٌ " على التوحيد، على معنى: آية خارقة، مثل: ناقة صالح، وعصا موسى، ومائدة عيسى. والجمع اختيار أبي عبيد، لقوله: { قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ } أي: ليست بيد رُسُله، وإنما هي بيده ينزل منها ما يشاء على من يشاء، { وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } ما عليّ غير الإنذار وإبانة ما أوتيتُ من الآيات، وليس لي أن أتخيَّر وأقترح على الله الآيات. وزعم بعض المفسرين: أن هذا منسوخ بآية السيف. { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ } أي: أو لم يكفهم إنزال القرآن عليك آية ظاهرة ومعجزة باهرة، تتلى عليهم في كل زمان ومكان، لا تَضْمَحِلُّ وتزول، كما تزول آيات الأنبياء. وقد قيل: إن ناساً من المسلمين أتوا نبي الله بكتاب فيه بعض ما يقوله اليهود، فلما نظر إليها ألقاها وقال: " كفى بها حماقة قوم أو ضلالة قوم أن يرغبوا عما جاءهم به نبيهم إلى ما جاء به غير نبيهم إلى قومٍ غيرهم " ، فنزلت هذه الآية.