الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ فَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَـٰؤُلاۤءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلْكَافِرونَ } * { وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ ٱلْمُبْطِلُونَ } * { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلظَّالِمُونَ }

قوله تعالى: { وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ } أي: وكما أنزلنا الكتاب عليهم أنزلنا إليك الكتاب.

وقيل: المعنى: ومثل ذلك الإنزال أنزلنا إليك الكتاب، أي: أنزلناه مصدقاً لسائر الكتب تحقيقاً لقوله:آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ } [العنكبوت: 46].

{ فَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } وهم عبدالله بن سلام ومن آمن معه منهم، { يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَـٰؤُلاۤءِ } يعني: أهل مكة { مَن يُؤْمِنُ بِهِ }.

وقيل: فالذين آتيناهم الكتاب [ممن] كان قبلك يؤمنون به، ومن هؤلاء الذين هم في عهدك اليوم منهم من يؤمن به.

{ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ } مع وضوحها { إِلاَّ ٱلْكَافِرونَ } المتوغِّلون في كفرهم.

وجمهور المفسرين يقولون: هم اليهود؛ لأنهم عرفوا محمداً وأنكروه.

قوله تعالى: { وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ } أي: ما كنت قارئاً ولا كاتباً، فإنك لو كنت كذلك { إِذاً لاَّرْتَابَ ٱلْمُبْطِلُونَ } أي: إذاً لشكّوا فيك؛ لأن صفتك في التوراة والإنجيل أنك أمّي لا تكتب ولا تقرأ.

فإن قيل: لو كان كاتباً قارئاً لكان غير المنعوت بالرسالة في التوراة والإنجيل قطعاً، فما معنى ارتيابهم وهو على هذا التقدير غير المنعوت في كتابهم؟

قلت: هذا على سبيل الفَرْض والتقدير، أي: لو بُعثت كاتباً قارئاً وأنت على الحال التي أنت عليها من الشواهد الدالة على صدقك ورسالتك لارْتابوا.

فإن قيل: لو لم يكن أمياً لما كانوا مبطلين في الارتياب لكونه على غير النعت الذي نُعت به في الكتاب، فكيف سمّاهم مبطلين؟

قلت: وصفهم بما هم متلبسون به، كأنه قيل: إذاً لارتاب هؤلاء المبطلون في كفرهم.

قوله تعالى: { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } وهم حملة القرآن.

وقال قتادة: " بل هو ": يعني: محمداً " آيات ": أي: ذو آيات " بينات في صدور الذين أوتوا العلم ": من أهل الكتاب.