الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }

و { خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } أي: بالأمر الثابت المعروف الصحة، فجعلها مساكن لعباده ودلائل على قدرته وعظمته وحكمته، ألا تراه يقول: { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ }.

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } قد ذكرنا فيما مضى معنى الفحشاء والمنكر.

فإن قيل: كم من مُصَلٍّ لا تنهاه صلاته؟ فما وجه هذا الكلام؟.

قلتُ: عنه أجوبة:

أحدها: أن المراد بالصلاة: القرآن؛ كقوله تعالى:وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ } [الإسراء: 110]، والقرآن ينهى عن الفحشاء والمنكر ويزجر عنهما، وهذا قول ابن عمر رضي الله عنهما.

الثاني: ينبغي أن تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر، كما في قوله تعالى:وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً } [آل عمران: 97].

الثالث: أن الصلاة من حيث هي صلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ لما تتضمن من تلاوة القرآن والخشوع لله، والتضرع بين يديه وامتثال أمره، وهذه أمور يبعث على فعلها رجاء الثواب وخوف العقاب، وكفى بذلك زاجراً لمن كان له قلب يتفكّر أو عقل يتدبّر، وكون بعض المصلين لا ينتهي لا تخرج الصلاة عن أن تكون في نفسها ناهية. وقد روى أنس بن مالك أن رسول الله قال: " من لم تَنْهَهُ صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدَدْ من الله إلا بُعْداً ".

قوله تعالى: { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } روى ابن عمر: " أن رسول الله قال في قوله تعالى: { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } قال: ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه " وإلى هذا المعنى ذهب ابن عباس ومجاهد وعطية وجمهور المفسرين.

وقال أبو الدرداء: المعنى: ولذكر الله أكبر مما سواه، وهو أفضل من كل شيء.

قال قتادة: ليس شيء أفضل من ذكر الله.

وقيل: المعنى: ولذكر الله أكبر من أن تبقى معه المعصية.