قوله تعالى: { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ } أمرهم الله سبحانه بالسير في الأرض [ليشاهدوا] عجائب مخلوقاته وبدائع مصنوعاته، ويستدلوا بابتداء الخلق على صحة إعادته، { ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ }. قرأ ابن كثير وأبو عمرو: " النَّشَاءَةَ " بفتح الشين والمد، وقرأ الباقون بسكون الشين والقَصْر، وكذلك اختلافهم في النجم والواقعة. قال الفراء: هذا مثل: الرّأْفة والرآفة، والكأْبة والكآبة. { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من البدء والإعادة وغيرهما { قَدِيرٌ }. { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ } بعدله، { وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ } بفضله. وقد حكى الماوردي فيه أقوالاً: أحدها: يعذب من يشاء بسوء الخلق، ويرحم من يشاء بحسن الخلق. الثاني: يعذب من يشاء بالحرص، ويرحم من يشاء بالقناعة. الثالث: يعذب من يشاء بمتابعة البدعة، ويرحم من يشاء بملازمة السنة. الرابع: يعذب من يشاء بالانقطاع إلى الدنيا، ويرحم من يشاء بالإعراض عنها. الخامس: يعذب من يشاء ببغض الناس له، ويرحم من يشاء بحب الناس له. { وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } تُرَدُّون وترجعون. { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } مفسر في الأنفال. قال قطرب: معناه: وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء لو كنتم فيها، كما تقول: ما يفوتني فلان هاهنا ولا بالبصرة، [ولو] صار إليها. وقيل: المعنى: وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا أهل السماء بمعجزين في السماء. قوله تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي } قال مقاتل: من جَنَّتي. وقال أبو سليمان: من عَفْوي ومغفرتي. قال ابن جرير: وذلك في الآخرة عند رؤية العذاب. وقال غيره: " أولئك يئسوا " وعيد، أي: ييأسوا يوم القيامة، أو شبّه حالهم في انتفاء الرحمة عنهم بحال من يأس من الرحمة.