الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ } * { فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ }

قوله تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً } حكى الماوردي: أن هذا مقدار عمره كله.

وليس هذا بصحيح؛ لأن اللبث مرتب على الرسالة بفاء التعقيب، فالآية بيان لمقدار لبثه فيهم رسولاً.

واختلفوا في مقدار عمره قبل رسالته وبعد الطوفان؛ [فقال ابن عباس: بُعث بعد أربعين سنة، وعاش بعد الطوفان] ستين سنة حتى كثُر الناس وفشوا.

فعلى هذا يكون مبلغ عمره ألفاً وخمسين سنة.

وقال كعب الأحبار: لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وعاش بعد ذلك سبعين سنة، فكان مبلغ عمره ألفاً وعشرين سنة.

وقال عون بن أبي شداد: بُعث وهو ابن ثلاثمائة [وخمسين] سنة، وعاش مثلها بعد الطوفان.

وقال قتادة: بُعث وهو ابن ثلاثمائة، وعاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة.

فإن قيل: لما غاير بين المميزَيْن؟

قلت: لأنه أحسن من تكرير السنة أو العام مرتين.

فإن قيل: هلاّ [قال]: تسعمائة وخمسين سنة؟

قلت: المقصود: ذكر ما ابتُلي به نوح عليه السلام من طول مصابرته لقومه، وذكر الألْف أفخم في اللفظ وأوقع في النفس.

قوله تعالى: { فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ } رَوَتْ عائشة رضي الله عنها عن رسول الله " أنه الموت ".

وقال ابن عباس: هو المطر.

وقال الضحاك: هو الغرق.

والمعنى في هذا كله مُتَّحِد؛ لأنهم أُمطروا فماتوا بالغرق.

والواو في قوله: { وَهُمْ ظَالِمُونَ } واو الحال.

{ فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ ٱلسَّفِينَةِ } وقد ذكرنا عدّتهم في هود وقصة غرقهم.

{ وَجَعَلْنَاهَآ } يعني: السفينة، وقيل: القصة والحادثة { آيَةً لِّلْعَالَمِينَ } عبرة لمن بعدهم.