قوله تعالى: { تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ } وهي الجنة { نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً } قال عطاء: لا يريدون علواً على خلقي. وقال مقاتل: لا يريدون استكباراً على الإيمان، ولا فساداً بالمعاصي والظلم. وقال الحسن البصري: لن يطلبوا الشرف والعز عند ذي سلطانهم. قال زاذان: كان علي عليه السلام يمشي في الأسواق وحده وهو والٍ يُرشِد الضالَّ، ويُعين الضعيف، ويمرّ بالبيَّاع والبقَّال فيفتح عليه القرآن ويقرأ: { نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً } ، ويقول: نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع من الولاة، وأهل المقدرة من سائر الأديان. وروي عن علي عليه السلام أنه قال: إن الرجل ليعجبه شِراكُ نَعْلِه فيدخل في هذه الآية. يريد عليه السلام: أن من تكبر وعلا على غيره بزينته فهو ممن يريد عُلُواً في الأرض. ويعضد هذا المعنى: قوله: " ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسد لها من حُبِّ الرجل المال، والشَّرَفَ لدينه ". وما بعده سبق تفسيره. وقوله تعالى: { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى ٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ } من باب إقامة المُظْهَر مقام المُضْمَر. والمقصود من إظهار لفظ السيئة: التنبيه [على] قُبْحها.