الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ } * { وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }

قوله تعالى: { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ } قال وهب بن منبه: لما حملت بموسى عليه السلام كَتَمَتْ أمرها فلم يطّلع عليه أحد، ولم ينتُؤ بطنها، ولم يتغيّر لونها، ولم يظهر لَبَنُها، وفي تلك السنة تقدم فرعون إلى القوابل فَفَتَّشْنَ تفتيشاً لم يُفَتِّشْنَهُ قبل ذلك، فلما كانت الليلة التي وُلد فيها موسى ولدته أمه ولا رقيب عليها ولا قابلة، ولم يطّلع عليها أحد إلا أخته مريم، فأوحى الله تعالى إليها { أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ... الآية }. قال: فكتمته أمه ثلاثة أشهر ترضعه في حجرها لا يبكي ولا يتحرك، فلما خافت عليه عملت له تابوتاً مُطْبَقاً ومهَّدت له، ثم ألقته في البحر ليلاً كما أمرها الله تعالى، فلما أصبح فرعون جلس في مجلسه على شاطئ النيل، فبصُر بالتابوت، فقال لمن حوله من خدمه: ائتوني بهذا التابوت، فأتوه به، فلما وُضع بين يديه فتحوه فوجدوا فيه موسى، فلما نظر إليه فرعون قال: عِبْراني من الأعداء، فغاظه ذلك وكيف أخطأ هذا الغلام الذبح.

وكان فرعون [قد] استنكح امرأة من بني إسرائيل يقال لها: آسية بنت مزاحم، وكانت من خيار النساء، ومن بنات الأنبياء، وكانت أماً للمسلمين ترحمهم وتُعطيهم ويدخلون عليها، فقالت لفرعون وهي قاعدة إلى جنبه: هذا الوليد أكبر من ابن سنة، وإنما أُمِرْتَ أن تذبح الولدان لهذه السنة، فدعه يكن قرة عين لي ولك، لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً، وهم لا يشعرون أن هلاكهم على يديه. فاستحيا فرعون وَوَمِقَه، [وألقى] الله تعالى عليه محبته ورأفته.

وقال جماعة من المفسرين: كانت امرأة من القوابل مصافية لأم موسى فتولّت أمرها، فلما وضعت رأت له نوراً بين عينيه، فارتعش كل مفصل منها، ودخل حبه قلبها، فقالت: ما جئتك إلا لأقتل مولودك وأُخبر فرعون، ولكني وجدت لابنك حباً ما وجدت قبله مثله، فاحتفظي به، ثم خرجت فرآها بعض العيون، فجاؤوا ليدخلوا على أم موسى، فقالت أخته: يا أماه هذا الحرس بالباب، فلفَّتْ موسى في خرقة ووضعته في التنور وهو يُسْجَر، ولا تشعر بذلك لما طاش من عقلها، فدخلوا ففتشوا فلم يجدوا شيئاً، فخرجوا وهي لا تعلم أين هو، فقالت لأخته: أين أخوك؟ قالت: لا أدري، فسمعت بكاءه من التنور، فوثبت إليه وقد جعل الله تعالى النار عليه بَرْداً وسلاماً، فأرضعته ثلاثة أشهر، كما رويناه عن وهب.

وقيل: أربعة أشهر.

قال ابن عباس: { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ }: قذفنا في قلبها وألهمناها.

وقيل: رأتْ في منامها.

وقال مقاتل: جاءها جبريل بذلك، واسم أمه: يوخابذ بنت لاوي بن يعقوب.

قوله تعالى: { فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ } أي: خشيت عليه، { فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ } يريد: النيل، { وَلاَ تَخَافِي } عليه الغرق والضياع، { وَلاَ تَحْزَنِيۤ }.

السابقالتالي
2