الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } * { وَقِيلَ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ } * { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـآءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ } * { فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ ٱلْمُفْلِحِينَ }

قوله تعالى: { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ } يعني: المشركين { فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } يريد: الأصنام.

قال الزمخشري: فإن قلت: " زعم " تطلب مفعولين، فأين هما؟

قلت: هما محذوفان، تقديره: الذين كنتم تزعمونهم شركائي. ويجوز حذف المفعولين في باب " ظننت " ، ولا يصح الاقتصار على أحدهما.

{ قال الذين حق عليهم القول } أي: وجب عليهم العذاب بقوله:لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [هود: 119]، وهم رؤساءهم في الكفر وقادتهم.

وقيل: هم الشياطين.

{ رَبَّنَا هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ أَغْوَيْنَآ } يعنون: أتباعهم.

فـ " هؤلاء ": مبتدأ، و " الذين أغوينا ": صفته، والعائد على الموصول محذوف، تقديره: { أَغْوَيْنَاهُمْ } فغَوَوْا غياً، مثل ما غوينا، يريدون: أننا لم نلجئهم ونقسرهم على الغي، كما أننا لم يكن لنا من يقسرنا عليه، فنحن وهم فيه سواء في اختيار الغي.

{ تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ } قال الزجاج: برئ بعضهم من بعض، وصاروا أعداءً، كما قال الله تعالى:ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } [الزخرف: 67].

{ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } قهراً وقسراً. المعنى: إنما كانوا يعبدون أهواءهم بتحسيننا وتزييننا.

{ وَقِيلَ } يعني: لكفار مكة { ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ } أي: [استغيثوا] بآلهتكم لتخلّصكم من العذاب، { فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ } أي: لم يجيبوهم إلى نصرهم، { وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } حين تبرأت منهم قادتهم وخذلتهم آلهتهم { لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ } جوابه محذوف، تقديره: لو كانوا يهتدون لما اتبعوهم ولما رأوا العذاب.

ويجوز أن يكون المعنى: تمنوا لو أنهم كانوا يهتدون.

قوله تعالى: { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ } تبكيتاً وتوبيخاً وتحقيقاً لمعنى العدل: { مَاذَآ أَجَبْتُمُ ٱلْمُرْسَلِينَ } في الدنيا؟ { فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَنبَـآءُ يَوْمَئِذٍ } أي: خَفِيتْ واشْتَبَهَت عليهم الحُجَج يوم القيامة.

قال ابن قتيبة: المعنى: عَمُوا عنها من شدة الهول.

{ فَهُمْ لاَ يَتَسَآءَلُونَ } أي: لا يسأل بعضهم بعضاً عنها، كما يتساءل الناس عن المشكلات في الدنيا، وأنَّى لهم التساؤل والرُّسُل المقطوع لهم بالنجاة من النار والفوز بالجنة يتعنعنون في تلك المواطن الهائلة، ويقولون حين يقال لهم: ماذا أجبتم؟ لا علم لنا.