الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } * { وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } * { فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ }

قوله تعالى: { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ } أي: قَصَدَها ونحوها.

قال المفسرون: خرج حافياً بغير زاد ولا ظهر، ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر، فكان بين مصر ومَدْيَن مسيرة ثمانية أيام، ولم يكن له علم بالطريق، فقال: { عَسَىٰ رَبِّيۤ أَن يَهْدِيَنِي } أي: يرشدني، { سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ } أي: قَصْدَ الطريق إلى مدين.

قال السدي: فبعث الله تعالى له مَلَكاً فدلَّه، فورد مدين وخضرة البقل تتراءى في بطنه من الهزال.

قوله تعالى: { وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ } يعني: بئرهم التي يستقون منها، { وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً } أي: جماعة { مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ } أي: يسقون مواشيهم. وحذف المفعول؛ لأن الغرض هو الفعل، ومثله: " تذودان " ، و " لا نسقي ".

{ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ } أي: في مكان أسفل من مكانهم { ٱمْرَأَتَينِ } وهما ابنتا شعيب عليه السلام، { تَذُودَانِ } أي: تدفعان وتطردان غنمهما عن أن تختلط بأغنام الناس، { قَالَ مَا خَطْبُكُمَا } أي: ما شأنكما لا تسقيان، { قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ }.

قرأ ابن عامر وأبو عمرو: " يَصدُر " بفتح الياء وضم الدال، من صَدَرَ يَصْدُرُ. والمعنى: حتى يرجعوا من سقيهم؛ لئلا نزاحم الرجال.

وقرأ الباقون: [ " يُصْدِرَ " بضم الياء وكسر الدال، من أصْدَرَ يُصْدِرَ، على معنى: حتى] يُصْدِرُوا مواشيهم.

[والرعاء]: جمع رَاعٍ، على قياس: تاجر وتجار، وصائم وصيام، وقائم وقيام.

{ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } أي: طاعن في السن لا يقدر على المشي ومزاحمة الرجال، وكفّ الغنم.

المعنى: فلذلك برزنا لسقيها.

فلما سمع موسى ذلك رقَّ لهما، { فَسَقَىٰ لَهُمَا } أي: فسقى الغنم لأجلهما.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ذهب إلى بئر أخرى عليها صخرة لا يقلعها إلا جماعة من الناس، فاقتلعها وسقى لهما.

وقال ابن إسحاق: زاحم القوم وسقى لهما.

وروي: أنه سألهم دلواً من ماء، فأعطوه دلوهم وقالوا: اسْتَقِ بها، وكانت لا ينزعها إلا أربعون، فاستقى بها وصَبَّها في الحوض، ودعى بالبركة، فروَّى غنمهما.

{ ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ } أي: انصرف إلى ظل شجرة فجلس تحتها من شدة الحرّ جائعاً تَعِباً، { فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ } أي: لأي شيء أنزلته إليّ، { مِنْ خَيْرٍ } أي: طعام قليل أو كثير { فَقِيرٌ } شديد الحاجة إليه.

قال الباقر عليه السلام: لقد قالها، وإنه لمحتاج إلى شق تمرة.