الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } * { قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } * { وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ } * { فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوۤاْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { وَأَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ }

قوله تعالى: { وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ } يريد: الحِجْر { تِسْعَةُ رَهْطٍ }.

قال الزمخشري: إنما جاز تمييز التسعة بالرَّهْط؛ لأنه في معنى الجماعة. [والفرق بين الرَّهْط] والنَّفَر: أن الرَّهْطَ من الثلاثة إلى العشرة، أو من السبعة إلى العشرة، والنَّفَرُ من الثلاثة إلى التسعة، وكانوا من أبناء أشرافهم، عتاة، وهم الذين سعوا في عقر الناقة.

قال وهب: أسماؤهم: الهذيل بن عبد رب، عنم بن غنم، رئاب بن مهرج، عمير بن كُرْدُبة، عاصم بن مخرمة، سُبيط بن صدقة، سمعان بن صفي، قُدار بن سالف.

{ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ } ، وفي قوله: { وَلاَ يُصْلِحُونَ } إيذان بأنهم كانوا عن الصلاح بمعْزِل، إذ من المفسدين من يَنْدُرُ منه عمل صالح.

{ قَالُواْ } أي: قال بعضهم لبعض { تَقَاسَمُواْ بِٱللَّهِ } أي: تحالفوا به.

وجائز أن يكون قوله: " تقاسموا " خبراً في محل الحال، على معنى: قالوا متقاسمين بالله.

{ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ } أي: لنقتُلَنّ صالحاً وأهله ليلاً.

وقرأ حمزة والكسائي: " لتُبَيِّتُنَّه " بالتاء بدل النون وضم التاء الثانية.

{ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ } قرأها أيضاً بالتاء بدل النون وضم اللام الثانية.

فعلى القراءة الأولى: يكون المتكلمون قد أدخلوا أنفسهم مع المقتسمين، كما في قوله تعالى:تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ } [آل عمران: 61]. وعلى القراءة الثانية لم يُدْخِلوا أنفسهم معهم.

وقرأ مجاهد كحمزة والكسائي، إلا أنه بالياء فيهما. فيتعين على قراءته أن يكون قوله: " تقاسموا " خبراً لا أمراً.

{ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ } أي: لولي دَمِه { مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ } مُفسرٌ في سورة الكهف على حسب اختلاف القراء فيه.

فعلى قراءة من فتح الميم واللام -وهو أبو بكر-: الأهل فاعلون في المعنى؛ لأنه مصدر هَلَكَ يَهْلِكُ هلاكاً ومَهْلَكاً، إلا على لغة بني تميم، فإنهم يقولون: هلكني الأمر، بمعنى: أهلكني، فتكون في موضع نصب.

ومن ضمّ الميم وفتح اللام - وهم أكثر القراء -: فهو مصدر، من أهْلَكَ، والأهل في موضع نصب، على معنى: ما شهدنا إهلاك أهله.

قوله تعالى: { وَمَكَرُواْ مَكْراً } وهو ما أخفوه من تدبير قتل صالح وأهله، { وَمَكَرْنَا مَكْراً } جازيناهم على مكرهم، { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } بمكر الله تعالى بهم.

{ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ } ، ثم استأنف فقال: { أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ } وقرأ أهل الكوفة: " أنَّا " بفتح الهمزة، ويقوي هذه القراءة [قراءة] أبي بن كعب: " أنْ دمرناهم ".

قال أبو علي الفارسي: من قرأ: " أنّا " بفتح الهمزة، فإن جعل " كان " من قوله: " كيف كان عاقبة مكرهم " هي التامة، جاز في قوله: " أنّا دمرناهم " أمران:

أحدهما: أن يكون بدلاً من قوله: " عاقبة مكرهم ".

والآخر: أن يكون محمولاً على مبتدأ مضمر، كأنه قال: هو أنّا دمرناهم، أو ذاك أنّا دمرناهم.

السابقالتالي
2