الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ }

قوله تعالى: { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ } وهو ما جِيبَ من القميص، أي: قُطِعَ.

قال ابن جرير: إنما أمر بإدخال يده في جيبه؛ لأنه كان حينئذ عليه مدرعة من صوف ليس لها كُمّ.

{ فِي تِسْعِ آيَاتٍ } أي: في جملة تسع آيات، وقد ذكرناها في بني إسرائيل.

{ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ } أي: مبعوثاً أو مرسولاً إليهم، { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً } بينة واضحة.

وقرأ قتادة وعلي بن الحسين: " مَبْصَرَة ".

قال أبو الفتح ابن جني: قد كَثُرَت المَفْعَلَة [بمعنى الشِّياع والكثرة] في الجواهر والأَحداث، كقولهم: أرض مَضَبَّةٌ: كثيرة الضباب، ومَحْيَاة: كثيرة الحيّات، ومَحْواة أيضاً، ومَفْعَاة: كثير الأفاعي.

وأما الأَحداث؛ كقولك: البطْنَة مَوْسَنَة، وأكل الرطب [مَوْرَدَة]، ومنه: المَسْعَاة والمَعْلاة.

وقال الزمخشري: هي نحو مَجْبَنَة ومَبْخَلَة [ومَجْفَرَة]، أي: مكاناً يكثر فيه التبصر.

قال الزمخشري: جعل [الإبصار لها وهو في الحقيقة] لمتأملها؛ لأنهم لابسوها، وكانوا بسبب منها بنظرهم وتفكرهم فيها. ويجوز أن يراد بحقيقة الإبصار: كل ناظر فيها من كافة أولي العقل، وأن يراد أيضاً فرعون وقومه؛ لقوله: { وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً } ، أو جُعلت كأنها تبصر فتهدي؛ لأن العُمْي لا تقدر على الاهتداء، فضلاً عن أن تَهْدِي غيرها، ومنه قولهم: كلمة عَيْنَاء، وكلمة عَوْرَاء؛ لأن الكلمة الحسنة تُرشد، والسيئة تُغوي.

{ قَالُواْ هَـٰذَا } إشارة إلى ما جاء به موسى عليه الصلاة والسلام { سِحْرٌ مُّبِينٌ }.

{ وَجَحَدُواْ بِهَا } أي: [بالآيات]، { وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ } هذه واو الحال، و " قد " بعدها مضمرة، تقديره: وجحدوا بالآيات وقد استيقنتها أنفسهم.

{ ظُلْماً وَعُلُوّاً } أي: شركاً وتكبراً عن اتباع موسى.