الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِيۤ إِنَّكُم مّتَّبَعُونَ } * { فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ } * { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } * { وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ } * { فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ }

وما بعده مُفسر في طه إلى قوله: { إِنَّكُم مّتَّبَعُونَ } يتبعكم فرعون وجنوده ليَحُولوا بينكم وبين الخروج من مصر.

{ فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } قوماً يحشرون الجنود لإدراك بني إسرائيل.

{ إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ } محكيٌ بعد قول مضمر، تقديره: قال إن هؤلاء، يعني: بني إسرائيل { لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ }.

قال المبرد: الشرْذِمة: القِطْعَةُ من الناس.

وقال غيره: الشِّرذمة: الطائفة القليلة، ومنه ثوبٌ شراذم؛ للذي بَلِيَ وتقطَّع قِطَعاً.

وكانوا ستمائة ألف وسبعين ألفاً، فاستقلّهم فرعون بالنسبة إلى جنوده، فإنه خرج إليهم في جيش كانت مقدمته سبعمائة ألف.

قال ابن عباس: خرج فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث.

{ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } لمراغمتهم إيانا وقلة اهتمامهم بأمرنا.

وقال مقاتل: وإنهم لنا لغائظون بقتلهم أبكارنا.

وقال ابن جرير: يحتمل أن غيظهم لذهابهم بالعواري التي استعاروها من حُليهم.

قال الزجاج: يقال: قد غاظني فلان، ومن قال: أغاظني؛ فقد لَحَن.

ونقل غيره: تقول: غاظني الشيء وأغاظني؛ إذا أغضبك.

{ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ } وقرأ أهل الكوفة وابن عامر: " حاذرُون ". قيل: إنهما بمعنى واحد.

قال أبو عبيدة: يقال: رجل حَذِرٌ وحَذُرٌ وحَاذِرٌ.

وقيل: إن الحاذر: المستعدّ الذي يُحدد حذره ويتهيأ لما يخافه، والحَذِر: [المتيقّظ] المخلوق كذلك.

قال الزجاج في التفسير: إن معنى: " حاذرون ": مُؤْدُون، أي: ذوو أداة، أي: سلاح، والسلاح أداة الحرب، فالحاذر: المستَعِدُّ، والحذِرُ: المتيقِّظ.

وقرأ ابن أبي [عمّار]: " حَادِرُون " بالدال المهملة.

قال ابن جني: الحادِرُ: القوي الشديد، ومنه: الحادرة الشاعر.

قوله تعالى: { فَأَخْرَجْنَاهُمْ } يعني: فرعون وقومه { مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ }.

قال مقاتل: بساتين وأنهار جارية.

{ وَكُنُوزٍ } قال مجاهد: سماها كنوزاً؛ لأنهم لم ينفقوا منها في طاعة الله.

{ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } سبق تفسيره في مواضع.

والمراد: المجالس البهيّة الشريفة.

قال الضحاك: يعني: المنابر.

وقيل: السرر في الحجال.

{ كَذَلِكَ } جائز أن يكون مرفوعاً على أنه خبر مبتدأ محذوف، [أي]: الأمر كذلك وكما وصفنا. وجائز أن يكون منصوباً، على معنى: أخرجناهم مثل ذلك الإخراج الذي وصفنا. وجائز أن يكون مجروراً على أنه وصف لـ " مقام " الذي كان لهم.

{ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } ، وذلك أن الله تعالى ردّ بني إسرائيل إلى مصر بعد أن أغرق فرعون وجنوده، وملَّكهم ما كان لهم من الأموال والمساكن.

وقال ابن جرير: [ملكوها] ولم يرجعوا إليها، وإنما سكنوا الشام.