الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ } * { وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ لِلنَّاظِرِينَ } * { قَالَ لِلْمَلإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } * { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ } * { قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَٱبْعَثْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } * { يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ } * { فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } * { وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ } * { لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ إِن كَانُواْ هُمُ ٱلْغَالِبِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَالِبِينَ } * { قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } * { قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ } * { فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَالِبُونَ } * { فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ } * { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَاجِدِينَ } * { قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { رَبِّ مُوسَىٰ وَهَارُونَ } * { قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ } * { قَالُواْ لاَ ضَيْرَ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } * { إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَآ أَن كُنَّآ أَوَّلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

وما بعده مُفَسَّرٌ في الأعراف إلى قوله تعالى: { فَجُمِعَ ٱلسَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } يعني: وقت الضحى يوم الزينة.

{ وَقِيلَ لِلنَّاسِ } يعني: أهل مصر، { هَلْ أَنتُمْ مُّجْتَمِعُونَ }. وهذا قول بعضهم لبعض.

قال ابن زيد: كان اجتماعهم بالإسكندرية.

قال الزمخشري في قوله: " هل أنتم مجتمعون " المراد به منه: استعجالهم واستحثاثهم، كما يقول الرجل لغلامه: هل أنت منطلق؟ إذا أراد أن يحرّك همته ويحثه على الانطلاق، كأنما يخيل له أن الناس قد انطلقوا وهو واقف، ومنه قول تأبط شراً:
هل أنتَ باعثُ دينارٍ لحاجَتِنا   أو عبْد ربّ أخا عَوْن بن مخراق
يريد: ابعثه إلينا سريعاً ولا تبطئ به.

قلتُ: سيبويه يرويه: " عبدَ رَبِّ " بالنصب، عطفاً على محل " دينار " ، كأنه قال: باعثٌ ديناراً أو عبدَ ربّ، ولهذا نصب " أخا عون " ، ولو كان عطفاً على لفظ " دينار " لقال: أخي عون.

{ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ ٱلسَّحَرَةَ } في دينهم { إِن كَانُواْ هُمُ ٱلْغَالِبِينَ }.

قال الزمخشري: الغرض الكلي: أن [لا] يتبعوا موسى، فساقوا الكلام مساق الكناية؛ لأنهم إذا اتبعوهم لم يكونوا متبعين لموسى.

وذهب بعض المفسرين إلى أنهم أرادوا بالسَّحَرَة: موسى وأخاه، فيكون تهكّماً واستهزاءً بهما.

وما بعده سبق تفسيره إلى قوله: { قَالُواْ لاَ ضَيْرَ } أي: لا ضَرَرَ علينا فيما تنالنا به من عذاب الدنيا.

قال ابن قتيبة: هو من ضَارَه يَضُوره ويَضِيره، بمعنى: ضَرَّه.

{ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } فيجازينا بصبرنا على عذابك إيانا ظلماً وعدواناً، فنفوا ضرر ما توعدهم به من العذاب في جانب ما يرجونه في مقابلته من الثواب.

وقيل: المعنى: لا ضير علينا فيما تتوعدنا به؛ لأنه لا بُدَّ لنا من الانقلاب إلى ربنا بسبب من أسباب الموت، [والقتل] أهون أسبابه.

{ إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَآ أَن كُنَّآ } أي: لأن كنا { أَوَّلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } من رعية فرعون، أو من أهل المشهد بما جاء به موسى.

فإن قيل: فما وجه قراءة من قرأ: " إن كنا " بالكسر مع تحققهم [أنهم] أول المؤمنين؟

قلتُ: جائز أن يكون بمعنى إذ، كقوله تعالى:وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَٰواْ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [البقرة: 278]. وقيل: هو من الشرط الذي يجيء به المدلّ بأمره المتحقق لصحته، ونظيره قول القائل لمن يؤخر جُعْله: إن كنت عملت لك فَوَفِّني حَقِّي، وأنشد أبو الفتح ابن جني في معنى هذا:
فَإِنْ تَقْتُلُونَا يَوْمَ حَرَّةِ وَاقِمٍ   فَلَسْنا عَلى الإِسْلامِ أَوَّلَ مَنْ قُتِلْ