الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ } * { وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ } * { إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } * { فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ } * { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } * { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } * { وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } * { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } * { وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ } * { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

قوله تعالى: { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ } رد لقول كفار قريش: إنما يجيء بالقرآن الشياطين فيلقونه على لسان محمد.

{ وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ } لأنهم مرجومون بالشُّهب، قد حيل بينهم وبين خبر السماء، وهو قوله: { إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ }.

{ فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ } قال ابن عباس: يُحذّر به غيره، يقول: أنت أكرمُ الخلق عليَّ، ولو اتخذت من دوني إلهاً لعذبتك. وقد سبق القول في نظائره.

قوله تعالى: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } يعني: الأدْنَيْن.

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: " قام رسول الله حين أنزل الله تعالى: { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } فقال: يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا بني عبد مناف! لا أُغْني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب! لا أُغْني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله! لا أغني عنك من الله شيئاً، يا فاطمة بنت محمد! سليني ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً ".

قوله تعالى: { وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي: ألِنْ جانبك للمؤمنين من عشيرتك وغيرهم وأظهر لهم الشفقة والمودة.

{ فَإِنْ عَصَوْكَ } يعني: عشيرتك { فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } من الكفر والمعاصي.

{ وَتَوكَّلْ } وقرأ نافع وابن عامر: " فتوكل " بالفاء.

قال أبو علي: من قرأ بالواو عطف على قوله: { فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ }.

ومن قرأ: " فتوكل " بالفاء جعلها جملة مستأنفة مقطوعة عما قبلها.

{ عَلَى ٱلْعَزِيزِ } المنتقم من أعدائك، { ٱلرَّحِيمِ } بأوليائك.

{ ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } قال ابن عباس: [حين] تقوم إلى الصلاة.

وقال أبو الجوزاء: حين تقوم من منامك.

وقال الحسن: حين تخلو.

وهذا في التحقيق قول واحد؛ لأن المقصود الذي يراك حين تقوم في جوف الليل متهجداً [خالياً] بربك مناجياً له.

{ وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ } أي: ويرى تقلبك في الساجدين المصَلِّين من أصحابك. فالمعنى: يراك منفرداً ومع الجماعة. هذا قول قتادة وأكثر المفسرين.

وروي عن ابن عباس أن المعنى: وتقلبك في أصلاب الأنبياء حتى أخرجك في هذه الأمة.

وقال الحسن: المعنى: ويرى ذهابك ومجيئك في أصحابك المؤمنين.

{ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } لما تقول ويقال لك، { ٱلْعَلِيمُ } بأحوالك.