الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } * { وَمَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ رَبِّيۤ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

قوله تعالى: { وَمَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } قال الزمخشري: فإن قلت: هل اختلف المعنى بإدخال الواو هاهنا وتركها في قصة ثمود؟

قلت: إذا دخلت الواو فقد قصد معنيان كلاهما مُنَافٍ للرسالة عندهم: التسحير والبشرية، وأن الرسول لا يجوز أن يكون [مُسَحَّراً ولا يجوز أن يكون] بشراً، وإذا تركت الواو فلم يقصد إلا معنىً واحد، وهو كونه مسحَّراً. ثم قَرَّر بكونه بشراً مثلهم.

قوله تعالى: { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } أي: طائفة منه.

وقرأ حفص: " كِسَفاً " بفتح السين هنا وفي سبأ، وهو جمع كِسْفَة، نحو قِطَعٍ وسِدَرٍ، وقد ذُكر في " بني إسرائيل ".

قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف كرَّرَ في هذه السورة في أول كل قصةٍ وآخرها ما كَرَّر؟

قلت: كل قصة منها كتنزيلٍ برأسه، وفيها من الاعتبار مثل ما في غيرها، فكانت كل واحدة منها تدلي بحق في أن تُفتَتَح بما افتُتِحت به صاحبتها وأن تُختتم بما اختُتمت به.

[ولأن] في التكرير [تقريراً] للمعاني في الأنفس، وتثبيتاً لها في الصدور.

ولأن هذه القصص طُرِقَت بها آذان وُقْرٌ عن الإنصات للحق، وقلوبٌ غُلْفٌ عن تدبُّره، فكُوثرت بالوعظ والتذكير، ورُوجعت بالترديد والتكرير لعل ذلك يفتح أذْناً، أو يَفْتُقَ ذهْناً، أو يصقُلَ عَقْلاً طال عهده بالصقل، أو يجلو فهماً قد غطّى عليه تراكم الصدأ.