الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ } * { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ } * { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ } * { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } * { وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ }

{ قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ } أي: مُعادلٌ عندنا { أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ }.

{ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بفتح الخاء وسكون اللام، على معنى: ما هذا الذي تدعو إليه وتحُضُّ عليه إلا كَذِبُ الأولين، تقول: خلقتُ الحديث واختلقتُه؛ إذا افتعلته وكذبته.

قال الزجاج: وفيه وجه آخر: معناه: خُلِقْنا كما خُلِقَ من قبلنا، نحيا كما حَيُوا ونموت كما ماتوا ولا نُبعث؛ لأنهم أنكروا البعث.

وقرأ الباقون: " خُلُق " بضم الخاء واللام، أي: ما هذا الذي نحن عليه من الدين والاعتقاد إلا عادة الأولين، كما قال كفار قريش: إنا وجدنا آباءنا على أمة.

{ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } كما تزعم يا هود.

{ فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ } بالريح.

وقد ذكرنا ذلك في قصتهم في الأعراف.

وما بعده ظاهر أو مفسر إلى قوله: { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ } استفهام في معنى الإنكار لأن يتركوا مخلدين فيما هم فيه من النعيم والرفاهية، آمنين من العذاب والموت.

وقوله: { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ } تفسير لقوله: { فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ }.

{ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } الطَّلْع: الثَّمرة، والهضيم: النضيج الرّخص الليّن.

وقال الضحاك: الهضيم: الحِمْل الكثير الذي يركب بعضه بعضاً.

يشير إلى أنه إذا كَثُرَ الحمل هَضُمَ، أي: صَغُر، وإذا قلّ جاء ممتلئاً كباراً.

وقال صاحب الكشاف: الطَّلْعَة هي التي تَطْلُعُ من النخلة، كنَصْلِ السيف، في جوفه شماريخُ القِنْو. والقِنْو: اسم للخارج من الجِذْع، كما هو بعُرْجونه وشماريخه.

والهَضِيم: اللطيف الضَّامِر، من قولهم: كَشْح هضيم، وطلعُ إناث النخل فيه لطفٌ، وفي طلع الفحاحيل جَفَاء، وكذلك طلْع البَرْني ألطف من طلْع اللون. [فذكّرهم] نعمة الله عليهم في أن وهب لهم أجود النخل وأنفعه؛ لأن الإناث ولادة التمر، والبرني أجود التمر وأطيبه.

{ وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ } أي: أشِرين.

قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: " فَرِهِين " بغير ألف. وقرأ الباقون بألف، يقال: فَرِح وفَارِح، ويقال: إن الهاء من " فَرِهِين " مبدلة من الحاء.

وقال أبو علي الفارسي: من قرأ: " فَرِهِين " فمعناه: مَرِحين. ومن قرأها: " فارهين " معناه: حَاذِقين، أي: عارفينَ بنحْتِها.

{ وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ } بالشرك والمعاصي.

قال مقاتل: هم التسعة الذين عقروا الناقة.

{ ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ } يعني: بالكفر والمعاصي { وَلاَ يُصْلِحُونَ } فيها بالإيمان والطاعة.