{ قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ } أي: مُعادلٌ عندنا { أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ }. { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بفتح الخاء وسكون اللام، على معنى: ما هذا الذي تدعو إليه وتحُضُّ عليه إلا كَذِبُ الأولين، تقول: خلقتُ الحديث واختلقتُه؛ إذا افتعلته وكذبته. قال الزجاج: وفيه وجه آخر: معناه: خُلِقْنا كما خُلِقَ من قبلنا، نحيا كما حَيُوا ونموت كما ماتوا ولا نُبعث؛ لأنهم أنكروا البعث. وقرأ الباقون: " خُلُق " بضم الخاء واللام، أي: ما هذا الذي نحن عليه من الدين والاعتقاد إلا عادة الأولين، كما قال كفار قريش: إنا وجدنا آباءنا على أمة. { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } كما تزعم يا هود. { فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ } بالريح. وقد ذكرنا ذلك في قصتهم في الأعراف. وما بعده ظاهر أو مفسر إلى قوله: { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ } استفهام في معنى الإنكار لأن يتركوا مخلدين فيما هم فيه من النعيم والرفاهية، آمنين من العذاب والموت. وقوله: { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ } تفسير لقوله: { فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ }. { وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } الطَّلْع: الثَّمرة، والهضيم: النضيج الرّخص الليّن. وقال الضحاك: الهضيم: الحِمْل الكثير الذي يركب بعضه بعضاً. يشير إلى أنه إذا كَثُرَ الحمل هَضُمَ، أي: صَغُر، وإذا قلّ جاء ممتلئاً كباراً. وقال صاحب الكشاف: الطَّلْعَة هي التي تَطْلُعُ من النخلة، كنَصْلِ السيف، في جوفه شماريخُ القِنْو. والقِنْو: اسم للخارج من الجِذْع، كما هو بعُرْجونه وشماريخه. والهَضِيم: اللطيف الضَّامِر، من قولهم: كَشْح هضيم، وطلعُ إناث النخل فيه لطفٌ، وفي طلع الفحاحيل جَفَاء، وكذلك طلْع البَرْني ألطف من طلْع اللون. [فذكّرهم] نعمة الله عليهم في أن وهب لهم أجود النخل وأنفعه؛ لأن الإناث ولادة التمر، والبرني أجود التمر وأطيبه. { وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ } أي: أشِرين. قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: " فَرِهِين " بغير ألف. وقرأ الباقون بألف، يقال: فَرِح وفَارِح، ويقال: إن الهاء من " فَرِهِين " مبدلة من الحاء. وقال أبو علي الفارسي: من قرأ: " فَرِهِين " فمعناه: مَرِحين. ومن قرأها: " فارهين " معناه: حَاذِقين، أي: عارفينَ بنحْتِها. { وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ } بالشرك والمعاصي. قال مقاتل: هم التسعة الذين عقروا الناقة. { ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ } يعني: بالكفر والمعاصي { وَلاَ يُصْلِحُونَ } فيها بالإيمان والطاعة.