الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } * { خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً }

قوله تعالى: { أولئك } يعني: الموصوفين بهذه الصفات من قوله: { الذين يمشون }.. إلى هاهنا، { يجزون الغرفة } قال ابن عباس: الجنة.

وقال غيره: يريد: غرف الجنة، وهي العلالي، فَوَحَّدَ لما ذكرناه أولاً في " إماماً ".

{ بما صبروا } على أذى المشركين وجهادهم حين أمروا بالجهاد، وعلى طاعة الله وعن معصيته.

{ ويَلْقَون فيها } قرأ أهل الكوفة إلا حفصاً: " ويَلْقَوْن " بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف، من لَقَى يَلْقَى، فيتعدى إلى مفعول واحد وهو " تحيةً ".

وقرأ الباقون بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف، حملاً على الفعل الذي قبله؛ ليقع اللفظ بهما على وزن واحد.

{ تحيةً وسلاماً } قال ابن عباس: يُحيّي بعضهم بعضاً بالسلام، ويرسل إليهم الربّ عز وجل بالسلام.

{ خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً } سبق تفسيره.

قوله تعالى: { قل ما يعبأ بكم ربي } قال ابن عباس: ما يصنع بكم ربي.

قال الزجاج وغيره من أهل اللغة: تقول: ما عبَأتُ بفلان، أي: ما كان له عندي [وزن] ولا عددته شيئاً.

{ لولا دعاؤكم } أي: لولا إيمانكم، المعنى: لولا دعاؤه [إياكم].

وقيل: لولا عبادتكم. رويا عن ابن عباس.

فالمعنى على هذا: أي مقدار لكم عند الله، لولا أنه خلقكم لتوحدوه وتعبدوه.

وقال ابن قتيبة: في الآية إضمار، تقديره: ما يعبأ بعذابكم ربي لولا ما تدعونه [من دونه] من الشريك والولد.

قوله تعالى: { فقد كذبتم } خطابٌ لأهل مكة في قول جمهور المفسرين. والخطاب بقوله: " يعبأ بكم ربي " للمؤمنين، وقيل: للكافرين.

قال صاحب الكشاف: الخطاب يتوجه إلى الناس على الإطلاق، ومنهم مؤمنون عابدون، ومنهم مكذبون عاصون، فخوطبوا بما وجد في جنسهم من العبادة والتكذيب.

{ فسوف يكون لزاماً } أي: فسوف يكون العذاب لزاماً لكم.

قال ابن مسعود وأبي بن كعب في آخرين: هو يوم بدر.

وهذا معنى قول ابن مسعود: خمس قد مضين: الدخان واللزام والبطشة والقمر والروم.

فالمعنى: أنهم قُتلوا في يوم بدر ولزمهم العذاب مُتَّصِلاً بعذاب الآخرة. والله تعالى أعلم.