الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } * { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } * { إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً }

قوله تعالى: { وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ } مبتدأ، خبره: { ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً }. ويجوز أن يكون " الذين يمشون " صفة لـ " عباد الرحمن " ، والخبر:أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ } [الفرقان: 75].

قال ابن قتيبة: نسبهم الله تعالى إليه لاصطفائه إياهم.

ومعنى: " هَوْناً " مشياً رويداً، فهو صفة مصدر أو حال.

قال مجاهد: يمشون بالسكينة والوقار.

وقال الحسن: يمشون علماء [حلماء].

{ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } قال علي بن فضال: لم ينتصب " سلاماً " على أنه حكاية، إذ لو كان حكاية لكان مرفوعاً، كما في قوله:قَالَ سَلاَمٌ } [هود: 69].

وإنما المعنى: أنهم قالوا قولاً يسلمون به.

قال سيبويه: المعنى: قالوا سداداً من القول.

قال سيبويه: ولم يؤمر المسلمون في ذلك الوقت بالقتال، قال: وهي منسوخة بآية القتال.

قال علي بن فضال: لم يتكلم سيبويه في شيء من الناسخ والمنسوخ إلا في هذه الآية.

قلتُ: والصحيح أنها محكمة.

قال الحسن: لا يجهلون، وإذا جُهل عليهم [حَلُمُوا].

قوله تعالى: { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } قال الزجاج: كل من أدركه الليل فقد باتَ يبيتُ، نَامَ أو لم يَنَمْ، يقال: باتَ فلانٌ قَلِقاً.

والمعنى: يبيتون لربهم سُجداً في الصلاة وقياماً فيها.

وقال ابن عباس: من صلّى ركعتين أو أكثر بعد العشاء قد بَاتَ لله ساجداً وقائماً.

قال الحسن البصري: هذا وصف نهارهم وليلهم.

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } لازماً دائماً، ومنه: الغريم؛ لإلحاحه وملازمته.

وللمفسرين في معنى الغرام عبارات ترجع إلى معنى واحد، وهو الهلاك اللازم، وأنشد الزجاج:
ويومَ النِّسَارِ ويومَ الجِفَار   كانَا عَذَاباً وكانَا غَرَاما
النِّسَار والجِفَار: وقعتان من وقائع العرب، وأنشد غيره:
إنْ يُعاقِبْ يكنْ غَراماً وإن   يُعْطِ جَزيلاً فإنه لا يُبَالي
قال الحسن: كل غريم يفارق غريمه إلا غريم جهنم.

{ إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } أي: بئست موضع قرار وموضع إقامة هي. وهذا الضمير هو الذي ربط الجملة باسم إنَّ، وجعلها خبراً لها، ونَصَبَ " مستقراً ومقاماً " على الحال أو التمييز.

وقوله: " إن عذابها " و " إنها ساءت " يجوز أن يكون حكاية لقولهم، وأن يكون من كلام الله تعالى.

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ } قرأ نافع وابن عامر: " يُقْتِروا " بضم الياء وكسر التاء، من أقْتَرَ يُقْتِرُ.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء وكسر التاء, وقرأ أهل الكوفة بفتح الياء وضم التاء.

قال أبو عبيدة: هُنَّ ثلاث لغات، معناها: لم يُضَيِّقُوا في الإنفاق.

{ وَكَانَ } يعني: إنفاقهم { بَيْنَ ذَلِكَ } أي: بين الإسراف والإقتار { قَوَاماً } أي: عدلاً قصداً بين الغلو والتقصير، كما قال لرسوله:

السابقالتالي
2