الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } * { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } يعني: النضر بن الحارث وأصحابه، { إِنْ هَـٰذَا } إشارة إلى القرآن؛ { إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ } كذبٌ اختلقه محمد، { وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ }.

قال مقاتل وغيره: أشاروا إلى عدّاس مولى حويطب بن عبد العزى، ويسار، وجبر مولى عامر بن الحضرمي، وكانوا من أهل الكتاب.

وهذا عامر بن الحضرمي أول قتيل قُتِلَ يوم بدر كافراً، وأخوه عمرو بن الحضرمي أول قتيل قتله مسلم، وكان ماله أول مال خُمِّس، قتل يوم نخلة، وهما أخوا العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه، وأختهم الصعبة بنت الحضرمي، كانت تحت أبي سفيان بن حرب وطلّقها، وخلف عليها [عبيد الله] بن عثمان التيمي، فولدت له طلحة بن عبيدالله. قال ذلك كله ابن الكلبي.

ولا يختلف أهل العلم أنهم من حضرموت، وكانوا حلفاء بني أمية.

قال الله تعالى: { فَقَدْ جَآءُوا } يعني: النضر وأصحابه { ظُلْماً وَزُوراً }.

قال الزجاج: المعنى: فقد جاؤوا بظُلْم وزُور، فلما سقطت الباء أفضى الفعل فنصب. والزُّور: الكذب.

وقال صاحب الكشاف: " جاء وأتى " يستعملان في معنى فعل، فيُعَدَّيان تعْديته، وقد يكون على معنى: وردوا ظلماً، كما تقول: جئت المكان.

وظُلْمُهم: أنهم جعلوا العرب تتلقَّنُ من العجم كلاماً عربياً أعجز فصحاء العرب الإتيان بسورة مثله.

{ وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أي: ما سطّره المتقدمون من نحو أحاديث رستم، واسفنديار، { ٱكْتَتَبَهَا } أي: أمر أن تُكتب له؛ لأنه كان أمياً لا يكتب ولا يقرأ.

ويجوز أن يكون من الكَتْب، وهو الجمع. المعنى: جمعها وضمَّها إليه.

{ فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ } أي: تُقرأ عليه ليحفظها لا ليكتبها { بُكْرَةً وَأَصِيلاً } أي: غدوةً وعشياً، يريد: طرفي النهار على ما هي عادة اللذين يتصدون لحفظ العلوم أول النهار ودراستها آخره.

{ قُلْ } يا محمد { أَنزَلَهُ } يعني: القرآن { ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } فهو يجازيكم على ما تُسرُّون من الكيد لرسوله، مع علمكم ببطلان ما تُلقونه وتختلقونه، { إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } لم يعاجلكم بالعقوبة مع استحقاقكم إياها، لمكابرتكم وعنادكم.