الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } * { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } * { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } * { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }

قوله تعالى: { وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً } مهزوءاً به، أو موضع هزء، أو ذا هزء.

ثم ذكر ما يقولونه من الاستهزاء فقال: { أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } وهو على إضمار القول، تقديره: قائلين أهذا الذي بعثه الله رسولاً.

{ إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا } " إنْ " هي المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، { عَنْ آلِهَتِنَا } أي: عن عبادة آلهتنا، فحذف المضاف { لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا } أي: على عبادتها.

وفي هذه الآية دليل واضح على قوة اجتهاد النبي وبذله غاية وسعه في استعطافهم واستمالتهم إلى الإسلام.

{ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } أهم أم المؤمنون. وهذا وعيد شديد لهم.

قوله تعالى: { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } استفهام في معنى التعجب للنبي من فرط جهلهم، حيث تركوا عبادة من خلقهم ورزقهم، وأطاعوا أهواءهم في عبادة أحجار لا تضرُّ ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، ولا تعلم من عَبَدَها وأطاعها ممن رفضها وأضاعها، يتنقَّلُون عنها ذهاباً مع ميل أنفسهم في استحسان حَجَر.

قال سعيد بن جبير: كان أهل الجاهلية يعبدون الحَجَر، فإذا رأوا أحسن أخذوه وتركوا الأول.

{ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } المعنى: لست عليه وكيلاً ولا حفيظاً تحفظه من اتّباع هواه.

{ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ } [يعني: أهل مكة. و " أم " هاهنا منقطعة، المعنى: بل أتحسب أن أكثرهم] { يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ } سلبهم الله تعالى وصْفَي السمع والعقل؛ لعدم انتفاعهم بهما.

{ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ } ليس لهم [هَمٌّ] إلا الأكل والشرب وركوب أهوائهم، أو يكون الجامع بينهم وبين الأنعام في الشَّبَه أنهم يسمعون الصوت ولا يفهمون المعنى.

{ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } من الأنعام؛ لأنها تهتدي لمراعيها وتجتنب ما يؤذيها، وتنقاد لأربابها الذين يقومون بعَلَفِها وينهضون بكُلَفها.