الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا لَقَدِ ٱسْتَكْبَرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً } * { يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً } * { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } * { أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً }

قوله تعالى: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا } أي: لا يخافون البعث، والرجاء: الخوف في لغة تهامة. وقد سبق ذكره.

وقيل: المعنى: لا يأملون لقاءنا بالخير؛ لأنهم كَفَرَة.

{ لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ } فكانوا رسلاً إلينا أو شاهدين بصدقك، { أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا } فيخبرنا أنك رسوله.

قال الله تعالى: { لَقَدِ ٱسْتَكْبَرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ } أضمروا الكبر فيها والعناد، كما قال تعالى:إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ } [غافر: 56].

{ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً } أي: تجاوزوا الحدّ في الظلم وغَلَوا فيه.

قوله تعالى: { يَوْمَ يَرَوْنَ ٱلْمَلاَئِكَةَ } العامل في الظرف مضمر، تقديره: اذكر، أو ما دلّ عليه قوله تعالى: { لاَ بُشْرَىٰ } ، و { يَوْمَئِذٍ } على هذا [للتكرير]. وقوله تعالى: { لِّلْمُجْرِمِينَ } إما متناولٌ لهم بعمومه لانتظامهم في سلك المجرمين، وإما واقع موقع الضمير، تقديره: لا بشرى يومئذ لهم.

قوله تعالى: { وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً } اختلفوا في القائلين؛ فقال ابن عباس: هم الملائكة يقولون: حراماً محرّماً أن يدخل الجنة إلا من قال: لا إله إلا الله.

وقال مقاتل: إذا خرج الكفار من قبورهم [تقول] لهم الملائكة: حراماً محرّماً عليكم أيها المجرمون أن تكون لكم البشرى، كما يبشر المؤمنون.

وقال قوم: القائلون هم المشركون إذا عاينوا العذاب.

قال ابن فارس: كان الرجل إذا لقي من يخافُه في الشهر الحرام قال: حِجْراً، أي: حرام عليك إيذائي، فإذا رأى المشركون الملائكة يوم القيامة قالوا: حِجْراً محجوراً، [يظنون] أنه ينفعهم كما كان ينفعهم في الدنيا.

قوله تعالى: { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ } أي: قصدنا وعمدنا إلى ما عملوا من أعمال الخير، { فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً }؛ لأن الشرك لا يُتقبَّلُ معه عمل.

واختلفوا في الهباء؛ فقال علي عليه السلام: هو ما رأيته يتطاير في الشمس التي تدخل في الكوة مثل الغبار، وهذا قول أكثر المفسرين واللغويين.

وقال ابن عباس: هو ما تنسفه الرياح وتُذريه من التراب وحطام الشجر.

وقال في رواية أخرى: هو الشرر الذي يطير من النار إذا أضرمت.

وقال مقاتل: هو ما سطع من حوافر الدواب.

قال بعضهم: لم يَكْفِ أن شَبَّهَهُم بالهباء حتى جعله متناثراً متفرقاً.

قوله تعالى: { أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً } أفضل منزلاً في الجنة { وَأَحْسَنُ مَقِيلاً } موضع قائلة.

قال الأزهري: القَيْلُولَة عند العرب: الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحرّ، وإن لم يكن مع ذلك نوم. والدليل على ذلك: أن الجنة لا نوم فيها.

قال ابن مسعود وابن عباس: لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، ثم قرأ ابن مسعود: " ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم ". هكذا يقرؤها ابن مسعود.