الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ }

قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } السبب في [نزولها]: ما أخبرنا به الشيخان أبو القاسم أحمد بن عبدالله بن عبد الصمد السلمي بدمشق، وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة البغدادي برأس عين قالا: أخبرنا أبو الوقت، [أخبرنا الداودي]، أخبرنا السرخسي، أخبرنا محمد بن يوسف الفربري، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا ابن أبي عدي، عن هشام بن حسان، حدثنا عكرمة، عن ابن عباس: " أن هلال بن أمية قذف [امرأته] عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: البينة أو [حدٌ] في ظهرك، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً [ينطلق] يلتمس البينة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: البينة وإلا حدٌ في ظهرك، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، والله إني لصادق، فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحدّ، فنزل جبريل وأنزل عليه: { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } - فقرأ حتى بلغ: { إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليها، فجاء هلال فشهد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله يعلم أن أحدكما [كاذب] فهل منكما تائب، ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا: إنها موجبة. قال ابن عباس: فتلَكَّأَتْ ونَكَصَتْ حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أبصروها، فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الإليَتَين، خَدَلَّجَ الساقين، فهو لشَريك بن سحماء، فجاءت به كذلك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [لولا] ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن " [هذا] حديث صحيح.

قوله صلى الله عليه وسلم: " خدلَّج الساقين " أي: عظيمهما.

فصل يتضمن بيان حكم الآية

إذا قذف الرجل زوجته بالزنا لزمه الحد، وله التخلص منه بإقامة البينة أو باللعان. فإن أقام البينة لزمها الحد، وإن لاَعَنَها فقد حقق عليها الزنا، ولها التخلص منه باللعان. فإن نَكَلَ عن اللعان فعليه حد القذف، وإن نَكَلَتْ لم تُحَدّ، وحُبست حتى تُلاعِنَ أو تُقِرَّ بالزنا، في إحدى الروايتين. وفي الأخرى: يخلى سبيلها.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يُحدُّ واحد منهما ويُحبس حتى يُلاعن.

وقال الشافعي ومالك: يجب الحد على النَّاكل منهما.

فصل

واختلف العلماء في الزوجين [اللذَيْن] يجري بينهما اللعان. والمشهور عن إمامنا رضي الله عنه: أن كل زوج صَحَّ قذفُه صَحَّ لعانُه، فيشمل الكافر والمسلم، والحر والعبد، وهذا مذهب مالك والشافعي أيضاً.

وذهب الزهري والأوزاعي وحماد بن سلمة وأبو حنيفة وأصحابه: إلى أنه لا يصح اللعان إلا ممن هو من أهل الشهادة.

السابقالتالي
2 3