الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } * { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّـلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَأْوَٰهُمُ ٱلنَّارُ وَلَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }

قوله تعالى: { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي ٱلأَرْضِ } أخرج الحاكم في صحيحه من حديث أبي بن كعب قال: ((لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار رمتْهُم العرب عن قوسٍ واحدة، فكانوا لا يبيتون إلا في السلاح، ولا يصبحون إلا في لأْمَتِهم. فقالوا: أترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله عز وجل، فنزلت هذه الآية)).

قال أبو العالية: لما أظهر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم على قُرَى العرب وضعوا السلاح وأمِنُوا، ثم قبض الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، فكانوا آمنين كذلك في إمارة أبي بكر رضي الله عنه وعمر وعثمان، حتى وقعوا فيما وقعوا فيه، وكفروا النعمة - يعني: بقتل عثمان - فأدخل الله تعالى عليهم الخوف، فغيَّروا فغيَّر الله تعالى ما بهم.

ومعنى: " ليستخلفنهم في الأرض ": ليجعلنهم يخلفون مَنْ قَبلهم، واللام جواب قسم محذوف.

{ كَمَا ٱسْتَخْلَفَ } وقرأ أبو بكر عن عاصم: " استُخْلِفَ " على ما لم يُسَمَّ فاعله.

والمعنى: كما استخلَف بني اسرائيل حين أورثهم مصر والشام بعد هلاك الجبابرة.

{ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرْتَضَىٰ لَهُمْ }: وهو دين الإسلام.

قال ابن عباس: يُوَسِّع لهم في البلاد حتى يملكوها، [ويُظْهر] دينهم على جميع الأديان.

{ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً } قرأتُ على الشيخ [أبي] عبدالله محمد بن داود بن عثمان الدرنبدي الصوفي خادم الخليل عليه السلام بمسجد الخليل صلوات الله عليه، أخبركم الحافظ أبو [طاهر] السلفي فأقرّ به، أخبرنا أبو عبدالله القاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي بأصبهان، أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم المزكي النيسابوري، أخبرنا عبدالله بن إسحاق الخراساني ببغداد، حدثنا أبو سعيد عبدالرحمن - يعني: ابن محمد بن منصور - حدثنا يحيى بن سعيد القطان، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، حدثنا قيس، عن خباب قال: " شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو [مُتوسِّدٌ] بُردةً له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستغفر الله لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ فقال: قد كان [من كان] قبلكم يُؤخذ الرجل فيُحفر له في الأرض فيُجعل فيها، ويُجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فينشر باثنين، فما يصدُّه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم أو عصب فما يصده ذلك عن دينه، والله ليُتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون " هذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن محمد، [عن] يحيى بن سعيد، فكأنني سمعته في طريقه من أبي الوقت.

السابقالتالي
2