قوله تعالى: { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ } قال المفسرون: لما بيّن الله تعالى كراهتهم لحكم الرسول قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: والله لو أمرتنا بالجهاد والخروج من ديارنا لخرجنا، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وعند قوله: { قُل لاَّ تُقْسِمُواْ }؛ تمَّ الكلام. { طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ } قال الزجاج: تأويله: طاعة معروفة أفضل وأحسن من قَسَمِكُم بما لا تُصَدَّقُون فيه، فحذف خبر الابتداء للعلم به. وقال غيره: يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: أمرُكُم والذي يُطلب منكم طاعة معروفة. { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } من صالح وطالح، وعليه مجاز. ثم أمرهم الله تعالى بالطاعة فقال: { قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ }: هذا خطاب لهم. المعنى: فإن تتولوا، فحذف إحدى التاءين. { فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ } أي: ليس على الرسول صلى الله عليه وسلم إلا ما حمّله الله والقيام بأعباء الرسالة، وأداء ما استودعه من تبليغها، وقد فعل ذلك فلا ضرر عليه، { وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ } أي: ما كُلِّفْتُم من الإيمان والطاعة. { وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ } تُوَفَّقُوا لإصابة الحق. قال بعض السلف: من أمَرَّ السنة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة، ومن أمَرَّ الهوى على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالبدعة؛ لقوله تعالى: { وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ }. { وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } سبق الكلام عليه فيما مضى.