الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ ٱلْحَقُّ يَأْتُوۤاْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ } * { أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون }

وما بعده سبق تفسيره إلى قوله تعالى: { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا }.

قال المفسرون: نزلت في رجلٍ من المنافقين يقال له: بِشْر، وكان بينه وبين يهودي حُكومة، فدعا اليهودي المنافق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهما، فقال المنافق: إن محمداً يحيف علينا، ولكن بيني وبينك كعب بن الأشرف، فأنزل الله تعالى هذه الآيات.

{ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ } أي: من بعد قولهم: آمنا بالله وبالرسول وأطعنا.

{ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ } الذين هذا شأنهم { بِٱلْمُؤْمِنِينَ }.

{ وَإِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ } أي: إلى كتاب الله { وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ } الرسول.

وقال بعض أهل المعاني: معنى: " إلى الله ورسوله ": إلى رسول الله، كقولك: أعجبني زيد وكَرَمُه، يريد: كرم زيد، ومنه قول الشاعر:
ومَنْهَلٍ منَ الفَلا في أوسَطِه     غَلَّسْتُهُ قَبْلَ القَطَا وفُرَّطِه
أراد: قبل فرط القطا.

قوله تعالى: { مُذْعِنِينَ } قال الزجاج: الإذْعَان: الإسراعُ مع الطاعة.

قال الزمخشري: " إليه " صلة " يأتوا "؛ لأن [ " أتى " و " جاء " قد جاءا] مُعَدَّيَيْن بـ " إلى " ، أو يتصل بـ " مذعنين "؛ لأنه في معنى: مسرعين في الطاعة.

وما أوضح الدليل في هذه القصة على اعتصام النبي صلى الله عليه وسلم بالعدل البَحْتِ، ودورانه مع مُرِّ الحق، حيث استوى عنده فيه من يصافيه ومن ينافيه.

{ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } كفر ونفاق { أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ } فيما جئتَ به من البيان الواضح، { أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ } في القضاء.

وهذا الاستفهام في معنى التوبيخ مبالغة في ذمهم.

ثم أضرب عن خوف الحَيْفِ فقال: { بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } أي: لا يخافون حَيْفَه لعلمهم بعدله في قضائه، وإنما هم الموصوفون بالظلم المعروفون به، حيث صدفوا عن أحكامك المُضِيَّة وأقضيتك المرضِيَّة، أو هم الظالمون بالكفر والفسق والكذب وجحد الحقوق.

قوله تعالى: { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } قال الفراء: ليس هذا بخبر ماض، وإنما المعنى: إنما كان ينبغي أن يكون قول المؤمنين { إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ }.

وقرأ الحسن: " قولُ " بالرفع. والقراءة المشهورة أولى؛ لأنه إذا ولي كان اسمان، فأولاهما بالاسمية أوْغَلُهُما في التعريف، و " أن يقولوا " أوْغَلُ من " قول المؤمنين "؛ لأنه لا يتطرق التنكير إليه. هذا معنى قول الزمخشري.

{ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ } وقرأتُ لأبي جعفر: " ليُحْكَمَ " بضم الياء وفتح الكاف، على ما لم يُسَمَّ فاعله.

{ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } أي: سمعنا قولك وأطعنا أمرك، سواء كان الحق لهم أو عليهم.

{ وَأُوْلَـٰئِكَ } يعني: الموصوفين بهذه الصفة { هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }. { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } قال ابن عباس: فيما سَاءَه وسَرَّه.

السابقالتالي
2