الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } * { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ } * { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

قوله تعالى: { فِي بُيُوتٍ } قال الزجاج: " في " صلة قوله: كمشكاة في بيوت.

ويجوز أن تكون متصلة بقوله: { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا } ، وفيها على هذا الوجه تكرير، كقولك: زيد في الدار جالس فيها.

قال ابن عباس وأكثر المفسرين: يعني: المساجد.

{ أَذِنَ ٱللَّهُ } أي: أمر { أَن تُرْفَعَ }.

قال الحسن: تُعَظَّم.

وقال مجاهد وقتادة: تُبنى ، كقوله تعالى:وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَٰهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ } [البقرة: 127].

{ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ } قال ابن عباس: يُتْلَى فيها كتابه.

والأظهر عمومه.

{ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا } يُصلَّى له فيها، { بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ * رِجَالٌ }.

اختلفت الرواية عن ابن عباس في صلاة الغدو؛ [فروى] عنه ابن أبي طلحة: أنها صلاة الفجر.

وروى [عنه] ابن أبي مليكة أنه قال: إن صلاة الضحى لفي كتاب الله وما يغوص عليها إلا غواص، ثم قرأ: { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ * رِجَالٌ }.

واخلتفوا في صلاة الآصال؛ فقال ابن السائب: صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء.

وقال أبو سليمان: صلاة العصر.

وقيل: هو التسبيح المعروف.

وقرأ ابن عامر وأبو بكر: " يُسَبَّحُ " بفتح الباء، على ما لم يُسمّ فاعله.

ثم فسّر من [يُسبح] فقال: { رِجَالٌ } كأنه قيل: من يُسبِّحُ؟ فقال: رجالٌ، أي: يسبّح رجال.

فعلى هذا يَحسُن الوقف على " الآصال ".

ويجوز أن يرتفع " رجالٌ " بالابتداء، والخبر " في بيوت ".

فعلى هذا لا يجوز الوقف على الآصال.

{ لاَّ تُلْهِيهِمْ } أي: لا تشغلهم { تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } قيل: التجار الجلاّبون، يقال: تَجَرَ فلان في كذا؛ إذا جَلَبَه.

وقيل: التجارة: صناعة التاجر، وهو الذي يبيع ويشتري للربح.

فإما أن يريد: لا يشغلهم نوع من هذه الصناعة، ثم خصّ البيع؛ لأنه في الإلهاء أدْخَلُ من قِبَل أن التاجر إذا اتجهت له بيعة رابحة ألهتْه ما لا يلهيه شراء شيء يتوقع فيه الربح في الوقت الثاني؛ لأن هذا يقين وذاك مظنون.

وإما أن يسمَّى الشراء تجارة؛ إطلاقاً لاسم الجنس على النوع، كما يقال: رُزق فلان تجارة رابحة؛ إذا اتجه له بيع صالح أو شراء.

قال ابن عباس في قوله: " عن ذكر الله " يريد: الصلوات الخمس.

وكان عمر رضي الله عنه في السوق فأقيمت الصلاة، فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد، فقال: فيهم نزلت: { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ }.

وقال أبو سليمان الدمشقي: " عن ذكر الله ": باللسان.

{ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ } سبق تفسيره.

فإن قيل: لم حذفوا التاء من إقام الصلاة، فإن أصلها: إقامة الصلاة؟

قلتُ: لأنها عوضٌ من العين الساقطة للإعْلال، وأصلها: إقوام، فلما أضيفت جعلوا الإضافة مقام حرف العِوَض فأُسقطت، ومثله:

السابقالتالي
2