الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فِيهَآ أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّىٰ يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمْ ٱرْجِعُواْ فَٱرْجِعُواْ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } * { لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ }

قوله تعالى: { لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ } سبب نزولها: أن امرأة من الأنصار قالت: يا رسول الله! إني أكون في بيتي على حال لا أحب أن يراني عليها أحد، فلا يزال يدخل عليّ رجل من أهلي، فنزلت هذه الآية، فقال أبو بكر رضي الله عنه بعد نزولها: يا رسول الله! أفرأيت الخانات والمساكن التي ليس فيها ساكن؟ فنزلت: { لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ... } الآية.

قوله تعالى: { حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ } جائز أن يكون من الاستئناس الذي هو خلاف الاستيحاش؛ لأن الذي يطرق باب غيره كالمستوحش لا يدري أيُؤذن له أم لا، فإذا أُذِنَ له استأنس.

فالمعنى: حتى يؤذن لكم، وهذا قول جمهور المفسرين.

وجائز أن يكون من الاستئناس الذي هو معنى الاستعلام، كما في قوله:فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً } [النساء: 6]، وهو معنى قول الخليل: الاستئناس: الاستبصار، من قوله:آنَسْتُ نَاراً } [طه: 10].

وقال بعضهم: يجوز أن يكون من الإنس، وهو أن يتعرّف هل ثَمَّ إنسان يَأذنُ له.

وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس: " حتى تستأذنوا ".

{ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا } وهو أن يقول: السلام عليكم أأدْخُل.

وقال قوم: يبدأ بالاستئذان فيقول: أأدخل سلامٌ عليكم.

وقال قوم: إن وقع بصره على إنسان قَدَّم السلام، وإلا قَدَّم الاستئذان.

وقال بعض العلماء: الاستئذان يكون بالسلام فقط.

والأول أظهر؛ لما روي عن كلدة بن حنبل: " أن صفوان بن أمية بعثه بِلَبن وجِدَايَةٍ وضَغَابيسَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي. قال: فدخلت عليه ولم أُسَلِّم ولم أستأذن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارْجع فقل: السلام عليكم أأدخُل؟ " أخرجه الإمام أحمد في مسنده.

والجِدَاية: الصَّغير من الظِّباء، والضَّغَابيس: صغار القِثَّاء، واحدها: ضغبوس.

قوله تعالى: { ذٰلِكُمْ خَيْرٌ } أي: أفضل من أن تدخلوا بغير إذن { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أن الاستئذان خير فتأخذوا به.

فصل

السُّنَّة أن يستأذن ثلاثاً؛ لما أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع "

ولا يستقبل الباب الذي يطرقه؛ خشية أن يقع نظره على ما يكرهه صاحب الدار.

وفي سنن أبي داود من حديث عبد الله بن بسر قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر "

فصل

قال عطاء: قلتُ لابن عباس: أستأذن على أمي وأختي ونحن في بيت واحد؟ قال: أيسرك أن ترى منهن عورة؟ قلت: لا، قال: فاستأذن.

السابقالتالي
2