الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ }

قوله تعالى: { وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ } وقرأتُ على الشيخين أبي البقاء اللغوي وأبي عمرو الياسري لأبي جعفر يزيد بن القعقاع: " ولا يَتَألَّ " على وزان: يَتَعَلَّ، وهي قراءة الحسن، ومعناهما واحد. يقال: آلَى يُؤلِي إيلاءً، وتألَّى يتألَّى تألِّياً، وَأْتَلَى يَأْتَلِي ائتِلاءً: إذا حَلَفَ.

وقد ذكرنا سبب نزول هذه الآية في حديث الإفك.

وقال ابن عباس: أقسمَ ناس من الصحابة، منهم أبو بكر، أن لا يتصدقوا على رجل تكلم بشيء من الإفك ولا ينفعونهم، فأنزل الله هذه الآية.

والمعنى: لا يحلف أرباب { ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ } في الدنيا، { أَن يُؤْتُوۤاْ }.

قال ابن قتيبة: معناه: أن لا يؤتوا، فحذف " لا ".

{ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ } وهم مِسْطَح بن أثاثة، وكان ابن خالة أبي بكر، وكان مسكيناً، وكان مهاجراً، فذلك قوله: { وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ } أمرٌ لهم بالتجاوز عن هذه الجريمة القبيحة؛ شكراً لله على ما أنعم عليهم به من الثناء المؤبد والثواب المخلد.

وفي قوله: { أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ } إيذان بأن الحسنة تقابل في الجزاء بمثلها.

{ وَٱللَّهُ غَفُورٌ } كثير المغفرة، فهو يقابل الغُفْران بأمثاله مضاعفاً إلى ما لا يعلمه إلا هو { رَّحِيمٌ } بالمؤمنين.

قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ } أي: العفائف { ٱلْغَافِلاَتِ } عما قُذِفْنَ به من الفاحشة، التّقيات القلوب، الطاهرات الجيوب، كعائشة رضي الله عنها، { ٱلْمُؤْمِناتِ } المصدّقات بما يجب التصديق به، { لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.

فصل

اختلف العلماء فيمن نزلت هذه الآية؛ فروى العوام بن حوشب عن شيخ من بني كاهل قال: فَسَّرَ ابن عباس سورة النور، فلما أتى على هذه الآية قال: هذه في شأن عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وهي مبهمة ليس فيها توبة، ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله له توبة، ثم قرأ:وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ } [النور: 4] - إلى قوله -:إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ } [النور: 5] فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لأولئك توبة. قال: فَهَمَّ رجلٌ أن يقوم فيُقبِّلَ رأسه من حُسْنِ ما فَسَّر.

وقال خصيف: قلتُ لسعيد بن جبير: من قذف مُحصَنةً لعنه الله؟ قال: لا، إنها في عائشة خاصة.

وقال مقاتل: هذه الآية في عبدالله بن أُبيّ بن سلول المنافق ورميه عائشة.

وقال أبو حمزة الثمالي: بلغنا أنها نزلت [في] مشركي أهل مكة، بلغنا أن المرأة كانت إذا خرجت إلى المدينة مهاجرة قذفها المشركون من أهل مكة وقالوا: إنما خرجت تَفْجُر، فنزلت هذه الآية.

وقال قتادة وابن زيد: هي عامة في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن.

فعلى قول أبي حمزة ومقاتل؛ لا إشكال في الآية.

السابقالتالي
2