قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ } قال ابن عباس والحسن وقتادة وجمهور المفسرين: المراد بالرسل هاهنا: محمد صلى الله عليه وسلم، وهو على مذهب العرب في مخاطبة الجميع. قال صاحب الكشاف: هذا النداء والخطاب ليسا على ظاهرهما، وكيف والرسل إنما أرسلوا متفرقين في أزمنة مختلفة. وإنما المعنى: الإعلام بأن كل رسول في زمانه نودي لذلك ووصي به؛ ليعتقد السامع أن أمراً نودي له جميع الرسل ووُصُّوا به، حقيق أن يؤخذ به. والمراد بالطيبات: ما حلَّ وطاب. وقيل: المراد بها: ما يُستطابُ ويُستلذُّ من المآكل. ويؤيد هذا القول مناسبته لقوله:{ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } [المؤمنون: 50]. قوله تعالى: { وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } قرأ أهل الكوفة: " وإن " بكسر الهمزة على الاستئناف، وفتحها الباقون، غير أن ابن عامر خفَّف النون على إرادة التشديد، كقوله:{ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ } [يونس: 10]. قال أبو علي: هو في قول الخليل وسيبويه محمول على الجار، والتقدير: ولأن هذه أمتكم أمة واحدة، { وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ } أي: اتّقون لهذا، ومثل ذلك عندهم قوله:{ وَأَنَّ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً } [الجن: 18] المعنى: ولأن المساجد لله. وعلى هذا التقدير تحمل قراءة ابن عامر، ألا ترى أن " أن " إذا خففت اقتضت ما يتعلّق به اقتضاؤها، وهي غير مخفّفة، والتخفيف حسن في هذا؛ لأنه لا فعل بعدها ولا شيء مما يلي " أن " ، فإذا كان كذلك كان تخفيفها حسناً، ولو كان بعدها فعلٌ لم يحسُن حتى تُعوَّض السين أو " سوف " أو " قد " أو " لا " إذا كان في نفي. والآية مفسرة في سورة الأنبياء. قوله تعالى: { فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً } وقرأ ابن عباس: " زُبَراً " بفتح الباء. وقرأ ابن السميفع بإسكان الباء. قال الزجاج: من ضَمَّ الباء فتأويله: جعلوا دينهم كُتُباً مختلفة، وهذا جمع زَبُور [وزُبُر]. ومن فتح الباء أراد: قِطَعاً. قال الزمخشري: و " زُبْراً " مخففة الباء، كَرُسْل في رسول. قال الكلبي: يعني: مشركي العرب واليهود والنصارى تفرقوا أحزاباً. { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ } أي: بما عندهم من الدين { فَرِحُونَ } راضون، ظناً منهم أنه الحق.