الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } * { وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ } * { فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }

قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ } قال ابن عباس والحسن وقتادة وجمهور المفسرين: المراد بالرسل هاهنا: محمد صلى الله عليه وسلم، وهو على مذهب العرب في مخاطبة الجميع.

قال صاحب الكشاف: هذا النداء والخطاب ليسا على ظاهرهما، وكيف والرسل إنما أرسلوا متفرقين في أزمنة مختلفة. وإنما المعنى: الإعلام بأن كل رسول في زمانه نودي لذلك ووصي به؛ ليعتقد السامع أن أمراً نودي له جميع الرسل ووُصُّوا به، حقيق أن يؤخذ به.

والمراد بالطيبات: ما حلَّ وطاب.

وقيل: المراد بها: ما يُستطابُ ويُستلذُّ من المآكل. ويؤيد هذا القول مناسبته لقوله:إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } [المؤمنون: 50].

قوله تعالى: { وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } قرأ أهل الكوفة: " وإن " بكسر الهمزة على الاستئناف، وفتحها الباقون، غير أن ابن عامر خفَّف النون على إرادة التشديد، كقوله:وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ } [يونس: 10].

قال أبو علي: هو في قول الخليل وسيبويه محمول على الجار، والتقدير: ولأن هذه أمتكم أمة واحدة، { وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ } أي: اتّقون لهذا، ومثل ذلك عندهم قوله:وَأَنَّ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً } [الجن: 18] المعنى: ولأن المساجد لله.

وعلى هذا التقدير تحمل قراءة ابن عامر، ألا ترى أن " أن " إذا خففت اقتضت ما يتعلّق به اقتضاؤها، وهي غير مخفّفة، والتخفيف حسن في هذا؛ لأنه لا فعل بعدها ولا شيء مما يلي " أن " ، فإذا كان كذلك كان تخفيفها حسناً، ولو كان بعدها فعلٌ لم يحسُن حتى تُعوَّض السين أو " سوف " أو " قد " أو " لا " إذا كان في نفي.

والآية مفسرة في سورة الأنبياء.

قوله تعالى: { فَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً } وقرأ ابن عباس: " زُبَراً " بفتح الباء.

وقرأ ابن السميفع بإسكان الباء.

قال الزجاج: من ضَمَّ الباء فتأويله: جعلوا دينهم كُتُباً مختلفة، وهذا جمع زَبُور [وزُبُر]. ومن فتح الباء أراد: قِطَعاً.

قال الزمخشري: و " زُبْراً " مخففة الباء، كَرُسْل في رسول.

قال الكلبي: يعني: مشركي العرب واليهود والنصارى تفرقوا أحزاباً.

{ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ } أي: بما عندهم من الدين { فَرِحُونَ } راضون، ظناً منهم أنه الحق.