قوله تعالى: { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ } يريد: قوم صالح وقوم لوط وقوم شعيب وغيرهم. قوله تعالى: { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا } قرأ ابن كثير وأبو عمرو: " تترىً " بالتنوين، وقرأ الباقون بغير تنوين. قال ابن قتيبة: المعنى: تُتَابع بفتْرَةٍ بين كل رسولين، وهو من التواتر. والأصل: وَتْرَى، فقبلت الواو تاء. قال الأصمعي: وَاتَرْتُ الخبر: أتْبَعْتُ بعضَه بعضاً، وبين الخبرين هُنَيَّة. قال اللغويون: [ومما] يضعه العامة غير موضعه قولهم: تَواتَرَتْ كُتبي إليك، يعنون: اتصلتْ من غير انقطاع، فيضعون التواتر في موضع الاتصال، وذلك غلط، إنما التواتر مجيء الشيء ثم انقطاعه ثم مجيئه. ومنه قول أبي هريرة: " لا بأس بقضاء رمضان تَتْرَى " ، أي: مُتقطّعاً. وحجّة من لم يصرف أنه جعل ألفها للتأنيث، كالعَدْوى والدَّعْوى والذِّكْرى، ومن صَرَفَ قال الزجاج: معناه: وَتْراً، فأبدل التاء من الواو. وقال أبو علي: جعله فَعْلَى من المواترة. وقال المبرد: من قرأ " تترى " فهو مثل سَكْرى، ومن قرأ تتراً فهو مثل: شكوت شكواً. قوله تعالى: { كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً } قال مقاتل: يعني في العقوبة والإهلاك. { وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ } قال أبو عبيدة: يُتَمثّل بهم في الشر، ولا يقال في الخير: جعلته حديثاً.