الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } * { فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي ٱلْحَيـاةِ ٱلدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ } * { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } * { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } * { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ ٱفتَرَىٰ عَلَىٰ ٱللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ } * { قَالَ رَبِّ ٱنْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } * { قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }

قوله تعالى: { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } قال أكثر المفسرين: هم قوم عاد.

{ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ } وهو هود عليه السلام.

وقال أبو سليمان الدمشقي: هم ثمود، والرسول: صالح.

والأول أصح؛ لقوله تعالى في موضع آخر حكاية لقول هود:وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } [الأعراف: 69]، وبدليل مجيء قصة هود عقيب قصة نوح في الأعراف وهود والشعراء.

قوله تعالى: { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } مفسرة لقوله: { فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ } ، أي: قلنا لهم على لسان الرسول: { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } سبق تفسيره.

{ وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ } أي جحدوا البعث، { وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي ٱلْحَيـاةِ ٱلدُّنْيَا } أي: نَعَّمْنَاهم ووسَّعْنا عليهم { مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } ، ثم حققوا معنى البشرية والمثلية بقولهم: { يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ } أي: مما تشربون منه، فحذف لدلالة ما قبله عليه.

{ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } لمغبونون في عقولكم وآراكم.

{ أَيَعِدُكُمْ } استفهام في معنى الإنكار والاستبعاد { أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } قال الزجاج: موضع " أنكم " منصوب، على معنى: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متّم، فلما طال الكلام أُعيد ذكر " أنَّ " ، كقوله:أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ } [التوبة: 63] المعنى: فله نار جهنم.

وقال بعض المحققين: التقدير فيه: أيعدكم أن [إخراجكم] إذا متم، محذوف المضاف، ولا بد من تقديره؛ لأن " إذا " ظرف زمان، وظرف الزمان لا يكون خبراً عن الجثة، ألا ترى أنهم قالوا: لو قلت: زيد يوم الجمعة، لم يصح، وباعتبار هذا قال سيبويه أن قوله: " أنكم مخرجون " بدل من " أنّ " الأولى.

وقال الزمخشري: ثنى " أنكم " [للتوكيد]، وحَسُنَ ذلك لفصل ما بين الأول والثاني بالظرف، و " مخرجون " خبر عن الأول، أو جعل " أنكم مخرجون " مبتدأ، و " إذا متم " خبراً، على معنى: إخراجكم إذا متم، ثم أخبر بالجملة عن أنكم.

وقرأتُ لعاصم من رواية الشموني عن الأعشى عن أبي بكر عنه: " إنكم مخرجون " بكسر الهمزة بتقدير القول، أو لتَضَمُّن " أيعدكم " معنى القول.

قوله تعالى: { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ } قُرئ بالحركات الثلاث مُنوناً وغير مُنون.

وقرأ معاذ القارئ: " هيهاتْ هيهاتْ " بإسكان التاء فيهما.

فهذه سبع لغات قرئ بهن، وفيها ثلاث لغات لم يقرأ بهن [وهي]: " أيْهَاتَ " ، قال الشاعر:
فأيْهَاتَ أيْهَاتَ العقيقُ وأهلُهُ    وأيْهَاتَ خِلٌّ بالعَقيقِ نُوَاصِلُه
و " أيْهَانَ " بالنون، و " أيهاً " ، وقد جمع الأحوص بين لغتين في بيت فقال:

السابقالتالي
2